بيروت - بولين فاضل
تكاد تكون عبارة «جنى العمر راح» هي لازمة الكثير الكثير من اللبنانيين الذين تتوالى أدوارهم في تلقي الصدمة والنكبة والخسارة،. ومن قال إن خسارة الحجر لا تهم أمام خسارة الروح مادام العدو الإسرائيلي يتقصد باستهدافه المباني السكنية إرهاق الروح بالحزن حتى الموت؟
لا يمر نهار من دون شهادات لناجين بأرواحهم ولكن منكوبين بأرزاقهم، يقتنص وجعهم الإعلام التلفزيوني أو الرقمي، فيفيض اللسان أو يصمت أمام هول المشهد وحجم الخسارة.
من الشهادات المؤلمة الصارخة شهادة سيدة أربعينية تدعى عبير درويش في محلة الشياح على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي أغار الجيش الإسرائيلي على مبنى سكني فيها بعد إنذار بالإخلاء.
درويش وعلى غرار كل سكان المبنى خرجت على عجل فور ورود الإنذار، ومما قالته وهي في حالة غضب وصدمة: «خرجت بثيابي، حتى صورة والدتي المتوفاة ما لحقت آخدها، هذا مبنى سكني وفيه محال تجارية وما من مقر لأي حزب فيه. قاطنو المبنى مسالمون والبيوت هي جنى عمر كل واحد فينا. أشقائي تغربوا منذ 35 سنة حتى استطعنا شراء هذه الشقة، وآخرون أخذوا قروضا للشراء. وهكذا فجأة صار كل شيء ركاما لأن هناك عدوا قرر أن يهدم بيوتنا ويسلب ذكرياتنا وأحلامنا.. فقط أريد أن أقول إن هذه الأرض هي أرضنا وإما نحن وإما هم».
وجهة عبير قبل وقت قصير من استهداف المبنى كانت منطقة عين الرمانة المجاورة، هناك انتظرت مع جيرانها إعدام الأرزاق، وسؤالها الذي تدرك في قرارة نفسها أنه لا رجاء من طرحه هو: «هل يشاهد العالم هذا الاعتداء على المدنيين المسالمين وأرزاقهم؟ هل يشاهد هذا الإجرام الذي أين منه القوانين الدولية والشرائع السماوية»؟.
عبارة عبير «يا نحنا يا هني» ترددت بقوة لدى اللبنانيين، الذين يرزحون تحت حرب ضروس تشنها إسرائيل، لا توفر فيها البشر والحجر وحتى التاريخ.