بيروت - داود رمال
بعد ما يقارب شهرين من المحاولات الإسرائيلية للتوغل البري في جنوب لبنان، بات واضحا أن الجيش الإسرائيلي يواجه مأزقا عسكريا غير مسبوق.
فعلى رغم التفوق الجوي والدعم المدفعي والاستخباراتي، تأخر كثيرا تحقيق اختراق نوعي على الأرض.
وقال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء»: «أدى استنفاد بنك الأهداف العسكرية التقليدية لدى إسرائيل، ودفعها إلى الانتقال إلى مرحلة الضربات التدميرية العشوائية التي تطال مناطق مختلطة سكانيا. الهدف من هذه العمليات لم يعد محصورا في كسب المعركة، بل أصبح يشمل محاولة إذكاء النعرات الطائفية وتأجيج التوترات بين مكونات المجتمع اللبناني».
وأضاف المصدر: «أما على المستوى السياسي، فيبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطا داخلية متزايدة. فهو يدرك أن وقف الحرب دون تحقيق إنجاز ميداني ملموس سيؤدي إلى اتهامه مجددا بالوقوع في الفخ اللبناني، كما حدث في حروب سابقة، ما يعمق أزماته السياسية ويضعه في مواجهة معارضة داخلية شرسة. من هنا، يسعى نتنياهو لتحقيق مكاسب تفاوضية، أبرزها فرض تنازلات لبنانية ضمن إطار ورقة الالتزامات المتبادلة بين لبنان وإسرائيل».
وأوضح المصدر: «على الجانب الدولي، يبقى الصمت الأميركي ملفتا. واشنطن لم تصدر حتى الآن أي إشارة واضحة في شأن موقفها من التصعيد على الجبهة اللبنانية، ولا عن نتائج مباحثات الموفد الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين في كل من بيروت وتل أبيب، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا الصمت يعكس تفويضا ضمنيا لنتنياهو لمواصلة عملياته العسكرية لفترة زمنية محددة، قبل أن تفرض الولايات المتحدة اتفاقا لوقف إطلاق النار».
وتابع: «هذا السيناريو ينسجم مع السياسة الأميركية المعتادة في إدارة الصراعات الإقليمية، حيث تمنح الأطراف المتصارعة هامشا زمنيا لتحقيق أهدافها قبل التدخل لفرض تسوية تخدم مصالحها الاستراتيجية».
ورأى المصدر انه «في ظل هذا المشهد المعقد، يواجه لبنان تحديا مزدوجا: التصدي للعدوان الإسرائيلي على الأرض، والحفاظ على وحدة الصف الداخلي في مواجهة محاولات زرع الفتنة. هذه المعركة ليست فقط عسكرية، بل هي أيضا معركة وجودية تحدد مستقبل البلد واستقراره».