بيروت ـ داود رمال
وسط أجواء المفاوضات المتسارعة بين واشنطن وباريس لإعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، برز لبنان كعنصر أساسي في هذه التحركات الدولية، ما يعكس التعقيد السياسي والعسكري في المشهد اللبناني وتأثيره الإقليمي.
وقال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ«الأنباء»: «الاتصال الذي تلقاه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري من الموفد الأميركي أموس هوكشتاين، كشف عن خطوات ملموسة نحو إعلان اتفاق وقف إطلاق النار. هذا الإعلان تطلب تنسيقا داخليا مكثفا، اذ يعمل مجلس الوزراء اللبناني برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، على ضمان إجماع سياسي بمشاركة جميع الأطراف. كما يتطلب تنفيذ الاتفاق دعما من قيادة الجيش اللبناني و«اليونيفيل»، ما يشير إلى دور عسكري وتنفيذي محوري للجيش في جنوب الليطاني».
وأضاف المصدر «على رغم الأجواء الإيجابية، يبقى التفاؤل اللبناني مشوبا بالحذر، خصوصا مع تاريخ رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في نقض الاتفاقات. وتتركز المخاوف على سيناريو مشابه لما حدث في غزة، حيث استعصى التوصل لوقف النار، مع احتمال استغلال نتنياهو الوقت لتحقيق مكاسب ميدانية على مشارف الليطاني».
وأوضح المصدر «الأطراف الدولية، لاسيما الولايات المتحدة وفرنسا، تلعب دورا محوريا في تشكيل لجنة إشراف تضم ممثلين عن الأطراف المعنية. هذه اللجنة التي يتوقع أن يرأسها ضابط أميركي، تمثل ضمانة لإسرائيل في حال حصول خروقات. لكن الموقف الفرنسي يبقى حساسا بسبب التوترات مع إسرائيل حول المحكمة الجنائية الدولية، وسيشكل الحضور الفرنسي في اللجنة ضمانة للبنان انطلاقا من العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين».
وأشار المصدر إلى انه «من الناحية الميدانية، تطرح تساؤلات حول مستقبل البنية العسكرية لحزب الله في جنوب الليطاني. وتؤشر المعطيات إلى احتمال تسليم التحصينات للجيش اللبناني، ما يعكس توافقا ضمنيا على تطبيق القرار 1701 بحرفيته من دون تعديلات».
ولفت إلى انه «يبقى ملف ترسيم الحدود عنصرا معقدا في المفاوضات. وعلى رغم إحراز تقدم في بعض النقاط المتنازع عليها، لاتزال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا قضية عالقة تتطلب تنسيقا لبنانيا ـ سوريا، يفترض ان يحسمه رئيس الجمهورية العتيد الذي سينتخب في مهلة الستين يوما مع تشكيل حكومة وحدة وطنية من ضمن هذه المهلة. حكومة ستحمل مفاجآت في تركيبتها لجهة الشخصيات الوازنة التي ستدخل اليها، كونها ستكون حكومة تطبيق كامل بنود الدستور لاسيما الإصلاحية منها».
ورأى المصدر انه «يظهر المشهد الراهن أن لبنان يقف على مفترق طرق بين وقف إطلاق نار يخفف من وطأة الحرب، وبين استمرارية التوترات بفعل التحركات الإسرائيلية الميدانية. ومع الضغط الدولي المتزايد على نتنياهو، تبقى الكلمة الأخيرة للميدان، حيث ستحدد التحركات العسكرية مستقبل هذا الاتفاق وقدرته على الصمود. هذا التوازن الدقيق بين الدبيلوماسية والتحديات الميدانية يعكس هشاشة الوضع، لكن الأمل في انفراجة سياسية يبقى معلقا على قدرة الأطراف على الالتزام بخريطة الطريق الدولية لتجنب تصعيد جديد».