بيروت - ناجي شربل وأحمد عزالدين
اقتراب موعد الجلسة المنتظرة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد 5 أيام، وغياب فرص التوافق على مرشح يستطيع ان يجمع أكبر عدد من الكتل النيابية حوله وسط ضبابية المواقف وامتناع الكتل عن إعلان مرشحيها.. وعدم تحريك دعم «اللقاء الديموقراطي» ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون المياه الراكدة، كل ذلك دفع الأطراف الأخرى إلى اتخاذ مواقف مشابهة كما كان متوقعا.
إلا ان اللافت ما اعتبرته أوساط لبنانية تعليق حملة قائد الجيش الرئاسية، بصرف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان النظر عن زيارة بيروت مع الوفد الرفيع المستوى (سيحضر الوفد من دون وزير الخارجية)، وكذلك قصر الموفد الأميركي أموس هوكشتاين زيارته على ترؤس اجتماع لجنة المراقبة المشرفة على وقف إطلاق النار في الناقورة.
وكشفت معلومات لـ «الأنباء» ان الجانب الأميركي تحديدا قرر عدم التدخل في جزئيات الملف الرئاسي اللبناني، وعهد بالمهمة إلى الرئيس نبيه بري لإنجاز الاستحقاق وانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 يناير.
كذلك تقدمت حظوظ السفير السابق لدى الڤاتيكان المدير السابق للمخابرات في الجيش العميد جورج خوري، وخلفه الوزير السابق جهاد أزعور، علما ان بري يميل إلى خوري، من دون إسقاط دخول اسم ثالث في السباق الرئاسي، الأمر الذي يبدو متعذرا حتى كتابة هذه السطور.
وقال سياسي كبير لـ «الأنباء»: «نجح الرئيس بري في جلب الجميع إلى ملعبه المفضل، وحشرهم لجهة تأمين النصاب القانوني، وأسقط فرصة تعديل الدستور. وهو يعمل بتأن على التحضير للجلسة التي يريد ان تنتهي بانتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الشغور الرئاسي العائد إلى 31 أكتوبر 2022».
وقالت مصادر نيابية مطلعة لـ «الأنباء»: «يبدو ان كلمة السر ستتأخر حتى الساعات الفاصلة عن بدء الجلسة، وربما لن تأتي نتيجة عدم اتفاق أطراف اللجنة الخماسية على مرشح واحد. كما ان بعضها يرفض دعم أي مرشح، ويترك الأمر للبنانيين، مع الالتزام بالشروط التي حددتها اللجنة حول موضوع السيادة والإصلاح والنهوض الاقتصادي للبلد».
وأضافت المصادر: «مع تمسك كل طرف بموقفه، تصبح مسألة تعديل الدستور دونها عقبات مع دخول المجلس النيابي العقد التشريعي الاستثنائي منذ مطلع الشهر، ما يصعب فيه تعديل الدستور على رغم المساعي التي تبذلها الكتل الوسطية للوصول إلى مرشح توافقي».
من جهتها، لم تصل المعارضة على رغم تعدد اجتماعاتها إلى الاتفاق على مرشح تلتقي حوله كل أطيافها، ولا زالت تكتفي بالحديث عن مواصفات الرئيس والمطلوب منه.
وتقول مصادر نيابية انه «في غياب أي مرشح جامع وعدم انحياز الكتل الوسطية إلى أي من المحورين، فإن الجلسة قد تصل إلى الحائط المسدود، بعدم حصول أي مرشح على 65 صوتا». وتتساءل المصادر: «هل سنكون أمام وضع يفرض فتوى مشابهة لما طرحه الرئيس حسين الحسيني عام 1989، أو الذهاب إلى وضع يستعيد تجربة العام 1970 حين انحسرت المنافسة بين الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية وإلياس سركيس، وسط غموض وعدم أرجحية لأحدهما على الآخر. وقد حصل الرئيس سركيس في الجولة الأولى على 50 صوتا من أصل 99 نائبا أعضاء المجلس النيابي وقتذاك، مقابل 49 صوتا لفرنجية، لينقلب أحد النواب في الدورة الثانية ويقترع لصالح فرنجية الذي فاز بـ 50 صوتا مقابل 49 لسركيس، من دون غياب أي نائب أو وجود أية ورقة بيضاء أو ملغاة».
وبالعودة إلى فتوى الرئيس الحسيني عام 1989، وأمام تعدد المرشحين العائدين من اتفاق الطائف، اقترح الحسيني ان يترشح في الدورة الأولى من يشاء من النواب، وفي حال عجز أي من المرشحين الحصول على ثلثي أصوات أعضاء المجلس في الدورة الأولى، يتنافس في الدورة الثانية المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات. وهكذا كان وانحسرت المنافسة في الدورة الثانية بين الرئيس الراحل رينيه معوض، ورئيس حزب «الكتائب» جورج سعادة الذي انسحب بعدما شعر ان الكفة تميل بقوة نحو معوض.
جنوبا، تقدم الوضع إلى الواجهة سياسيا وعسكريا. ففي وقت تقوم إسرائيل بعمليات تجريف وتدمير في الجنوب، حضر الوضع السياسي في استقبال رئيس المجلس نبيه بري لرئيس لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون. وعبر بري عن الاستياء من الخروقات الإسرائيلية ووصول المسيرات إلى العاصمة بيروت يوميا، بالطلب من معاونيه فتح النافذة ليسمع الجنرال جيفرز والحضور صوت المسيرات.
وقد جال جيفرز الجمعة في بلدة الخيام برفقة قائد اللواء السابع العميد الركن طوني فارس. وسيكون اجتماع لجنة الإشراف يوم الاثنين المقبل مفصليا، وسيترأسه الموفد الأميركي أموس هوكشتاين، الذي يتوقع ان يصل إلى بيروت في السادس من يناير.
ميدانيا، واصل الجيش اللبناني انتشاره في منطقة الناقورة الحدودية الساحلية، فيما وسعت إسرائيل من عدوانها وغاراتها وصولا إلى منطقة إقليم التفاح المشرفة على مدينة صيدا. وقد برر الجيش الإسرائيلي غاراته بأنه طلب من الجيش اللبناني التعامل مع وضع ميداني عسكري لـ «حزب الله»، وانه شن الغارات بعد تردد الجانب اللبناني في معالجة الأمر.
وسط هذه الأجواء، قفزت إلى واجهة التفاعل مسألة الحقيبة الديبلوماسية العائدة إلى ديبلوماسي إيراني كان وصل إلى مطار بيروت على متن طيران ماهان الإيراني، بعد رفض الديبلوماسي تمرير حقيبته على جهاز السكانر باعتباره أن الحقائب الديبلوماسية لا تخضع للتفتيش.
وحصلت حال من البلبلة إثر إخضاع جهاز أمن المطار جميع ركاب الطائرة للتفتيش، لاسيما في ضوء توجيهات حكومية بتفتيش الجميع وحتى الطائرات الخاصة من دون استثناء، قبل أن تدخل الخارجية اللبنانية على الخط وتعلن تلقيها مذكرة كتابية توضيحية من السفارة الإيرانية في لبنان حول محتويات حقيبتين صغيرتين ديبلوماسيتين حملهما ديبلوماسي إيراني على متن الرحلة، وتحتويان وثائق ومستندات وأوراقا نقدية لتسديد نفقات تشغيلية خاصة باستعمال السفارة فقط. وبناء عليه، أعلنت الخارجية السماح بدخول الحقيبتين وفقا لاتفاقية ڤيينا للعلاقات الديبلوماسية لعام 1961. وعلى أثر الأخبار عن تفتيش الطائرة الإيرانية، جابت مسيرات لدراجات نارية من مؤيدي «حزب الله» الضاحية الجنوبية لبيروت احتجاجا على عملية التفتيش.