توفي جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لـ «أقصى اليمين» الفرنسي والذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية في العام 2002، أمس عن عمر يناهز 96 عاما في منطقة باريس، في مستشفى نقل إليه قبل أسابيع.
وقالت عائلته في بيان تلقته وكالة «فرانس برس» إن «جان ماري لوبن توفي، محاطا بأفراد الأسرة».
وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبن كان «شخصية تاريخية لـ «أقصى اليمين» الفرنسي، وأصبح «دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو سبعين عاما.. جزءا من التاريخ».
وكانت ابنته مارين لوبن على متن طائرة أمس عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي الذي زارته تضامنا بعد مرور الإعصار «تشيدو» المدمر.
وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سميت فيما بعد التجمع الوطني، تدريجيا من الحياة السياسية اعتبارا من عام 2011، عندما تولت ابنته مارين لوبن رئاسة الحزب.
وضعفت حال جان ماري لوبن بعد تعرضه لعدة انتكاسات صحية، وفي يونيو كشف تقرير طبي «تدهورا كبيرا» في حالته الجسدية والنفسية صار معه عاجزا على «حضور» أو «التحضير لدفاعه» في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين التي جرت في باريس بين سبتمبر ونوفمبر.
منتصف نوفمبر أدخل جان ماري لوبن إلى المستشفى ثم إلى عيادة متخصصة في غارش غرب باريس قرب منزله في رواي مالميزون.
واعلنت وفاته بينما كان قسم من الطبقة السياسية الفرنسية حاضرا أمس أمام متجر يهودي في بورت دو فينسين في باريس، بعد عشر سنوات من هجمات يناير 2015.
كان جان ماري لوبن خطيبا مفوها ومحرضا مثيرا للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين الفرنسي من التهميش.
لم ينجح في تحقيق طموحه بأن يصبح رئيسا، رغم أنه أحدث مفاجأة في 21 أبريل 2002، عندما كان عمره 73 عاما بتأهله للدورة الثانية من الانتخابات.
كان لهذا الانتصار جانب سلبي، فعلى مدار أسبوعين، شارك الملايين في مسيرة ضد العنصرية وتجسيدها السياسي، قبل إعادة انتخاب عدوه اللدود جاك شيراك بسهولة.
لم يعبر الرجل المتصلب قط عن أي ندم على زلاته المتكررة، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتي أدين بسببها أمام القضاء بدءا بعدم اعترافه بجسامة المحرقة اليهودية وعدم المساواة بين الأعراق مرورا بالتخفيف من شأن الاحتلال الألماني لفرنسا.
وبعد 22 عاما، بينما فاز حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية، أعطى قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون ابنته مارين لوبن إمكانية انضمام اليمين إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيرا، لكنه تحطم على صخرة «الجبهة الجمهورية».
كان جان ماري لوبن متزوجا من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجددا من جاني لوبن.
ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن «وفاة جان ماري لوبن يعني غياب شخصية وطنية عظيمة، صاحب رؤية وشجاع».
وحياه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه «خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها» عندما خدم في الجيش الفرنسي في الهند الصينية والجزائر وعبر «عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي».
لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة «إكس» إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبن غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل. لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روج لها.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو أن جان ماري لوبن، و«بعيدا عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر.. عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه».