حين علمت عفاف المحمد بسقوط الرئيس بشار الأسد، قادت سيارتها في الصباح الباكر باتجاه جبل قاسيون المشرف على دمشق، لتعيد اكتشاف مدينتها «من أعلى»، وتستمتع بمشهد بانورامي كان ممنوعا على السوريين لأكثر من عقد من الزمن.
وتقول طبيبة الأسنان (30 عاما) لوكالة فرانس برس والابتسامة تزين وجهها «حين بدأت الثورة، كان الصعود إلى قاسيون وأماكن أخرى عامة ممنوعا علينا».
وتضيف: «أما الآن وبعدما انتصرنا فالإحساس الذي شعرنا به عندما وصلنا إلى قاسيون كان جميلا للغاية. لا تخشى أن تصادف أحدا في طريقك ويسبب لك أذى، ولا قيود من حولك». وبعد اندلاع النزاع عام 2011، أغلقت السلطات الطريق المؤدي إلى أعالي جبل قاسيون أمام المدنيين، ووضعت نقاطا أمنية على امتداده كونه يوفر إشرافا استراتيجيا على دمشق وعلى القصور الرئاسية فيها. وكان الجيش السوري نصب مرابض مدفعية في نقاط عدة، استخدمها خلال سنوات النزاع الأولى لقصف أحياء في دمشق كانت خارج سلطته ومدنا مجاورة خصوصا في الغوطة الشرقية. وبعد إطاحة الأسد في الثامن من 8 الجاري، تشهد الطريق المؤدية إلى جبل قاسيون يوميا زحمة سير، خصوصا في ساعات المساء وعطلة نهاية الأسبوع. وتتقدم السيارات ببطء في طابور طويل صعودا إلى الجبل، حيث تحول شارع بأكمله إلى متنزه تنيره أضواء ملونة ليلا يكتظ برواده وبأكشاك صغيرة تقدم الشاي والقهوة أو عرانيس الذرة والحلويات.
ويوفر المكان الذي تحول ملتقى للعائلات والأصدقاء ليلا، رغم برودة الطقس، إطلالة استثنائية على دمشق.
وتقول عفاف التي جاءت للمرة الثانية إلى قاسيون منذ إطاحة الأسد برفقة شقيقتها ملاك «حين جئت للمرة الأولى عند السادسة صباحا شعرت بخوف على الطريق، فكرت لوهلة أن ما حصل يمكن أن يكون كذبة، لكن الحمد لله تبين أنه حقيقة».