«حتى الرجل نقي القلب قد يصبح ذئبا عندما تزهر عشبة الذئب ويشرق القمر الخريفي»، على الرغم من أن الجزء الثاني لفيلم «Wolf Man»، من إخراج لي وانيل، لا يتضمن تلك الكلمات التي وردت في الجزء الأول الذي كتبه مؤلف السيناريو كيرت سيودماك عام 1941، إلا أن روحها تسري في أجواء هذا العمل، في إعادة صياغة لقصة وحش كلاسيكي يتجاهل وانيل كل ما نعرفه عن هذه الشخصية تقريبا، بما في ذلك الكليشيهات المألوفة عن المستذئبين، لكنه يظل وفيا لفكرة أن مرض الاستذئاب يمحو شخصية حتى أفضل الرجال.
منذ أن قدم لون تشاني الابن هذا الدور عام ١٩٤١، ظهرت أفلام كثيرة تناولت للمستذئبين مثل «An American Werewolf In London» و«The Howling»، والتي أصبحت كلاسيكيات رعب معترفا بها، والبعض الآخر كان سيئا مثل فيلمي «Wolf» لجاك نيكلسون و«The Wolfman» لابنيسيو ديل تورو، غير أن الجزء الجديد لـ «Wolf Man» يميل إلى فئة الأفلام القوية، لاسيما أنه يركز على الصدمة والعاطفة والأجواء بدلا من الإفراط في مشاهد الدماء، فهو عمل سوداوي يتطلب من المشاهد أن يشعر بقوة التجربة.
يتمحور الفيلم حول 3 شخصيات، فبعد مقدمة تدور أحداثها قبل 30 عاما، تنتقل القصة إلى الحاضر وتركز على عائلة الأب بليك (كريستوفر أبوت)، والأم شارلوت (جوليا غارنر)، والابنة جينجر (ماتيلدا فيرث)، تتضح التصدعات في العلاقة الزوجية منذ البداية، لكنها تصبح مشكلات تهدد الحياة أثناء رحلة لتنظيف منزل ورثه «بليك» عن والده المتوفى، غريدي (سام جايغر)، ونشاهد التلال تحيط بالمنزل، حيث عاش «بليك» طفولته، بأسطورة عن مخلوق وحشي، وعقب حادث سيارة يصاب «بليك» خلال مواجهة مع شيء مجهول، فيهرب مع «شارلوت» و«جينجر» إلى المنزل، لكنهم يكتشفون أن الخطر يلاحقهم، ومع مرور الوقت يظهر أن «بليك» قد أصيب بلعنة المستذئب، ويتحول تدريجيا إلى نفس المخلوق الذي يحاولون الهروب منه.
رغم أن الفيلم صدر في يناير الجاري، إلا أنه كان يمكن أن يكون اختيارا مثاليا لعيد الأب بسبب التركيز الكبير على العلاقة بين «بليك» وابنته «جينجر»، بعيدا عن علاقته المتدهورة بزوجته «شارلوت»، لكن «بليك» يظل وفيا لواجبه الأساسي وهو حماية ابنته، ومع تفاقم تأثير لعنة الرجل الذئب على جسده وعقله يصبح السؤال الأخلاقي والعاطفي المركزي للفيلم «هل يستطيع بليك الحفاظ على وعده بحماية جينجر، أم ستتحول لعنة الذئبية ضده؟».
تتميز الشخصيات الرئيسية بتمثيل قوي، فكريستوفر أبوت يتمتع بخبرة طويلة في أدوار الشخصيات المعقدة، ويظهر ببراعة معاناة الرجل العادي مع طبيعته المتغيرة.
أما جوليا غارنر، التي ستدخل قريبا عالم مارفل بشخصية «Silver Surfer»، فتقدم أداء هادئا يعكس الطابع النفسي للفيلم، رغم أن شخصيتها تعد سطحية نوعا ما، في حين أن ماتيلدا فيرث تضفي بدورها الحماس العاطفي الأكبر على المجموعة الصغيرة.
في مقابلاته، صرح وانيل بأن تصميم «الرجل الذئب» قد يخيب آمال بعض المشاهدين، حيث يستوحي مظهره بشكل كبير من فيلم «The Fly» لكروننبرغ، بدلا من اتباع التصاميم التقليدية للمستذئبين، كما أن استخدام التأثيرات العملية بدلا من المؤثرات البصرية الرقمية ساعد في التحكم بالتكاليف وتجنب الاصطناعية التي أضرت بنسخة 2010، وجاء التصميم المعذب للمخلوق يتماشى تماما مع الجمالية العامة للفيلم.
هيكل الفيلم البسيط، الذي يجمع بين تهديد خارجي مباشر وخطر داخلي متزايد، يسمح لوانيل باستخدام التوتر كأداة أساسية، وعلى الرغم من أن مشاهد القفزات المخيفة ليست الأفضل والإضاءة قد تكون خافتة بشكل محبط أحيانا، إلا أن ذلك لا يقلل من قوة التشويق، لنصل إلى التأكيد على أن قصة «Wolf Man» هي عن التضحية والحب، فهذا العنصر له صدى قوي في الأحداث، وفعاليته تجعل هذه النسخة جديرة بحمل اسم «الرجل الذئب».