لم يقتصر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجال والنساء والأطفال، ولا لأشخاص بعينهم بل امتدت بركة دعائه لتشمل بعض الأمكنة كي يحل فيها الخير، كما دعا لغيرها أن يصرف عنها الله السوء، فأجيب دعوته، وكذلك دعا لبعض القبائل.
ويروي ان المدينة (يثرب) كانت من أوبأ الأرض وأكثر الأمكنة تفشيا بالأمراض، فقدم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصححها الله ببركة حلوله بها ودعائه لها ولأهلها، وصرفت عنها الأمراض والحمى التي كانت قد اشتهرت بها. وقد رأى النبي أن أصحابه من المهاجرين يستوحشون تلك المدينة ويحنون لموطنهم الأصلي، خاصة بعد اصابتهم بالأمراض بها، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من عائشة رضي الله عها حين عادت أبا بكر وبلالا لما اصابتهما الحمى فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاغها وفي مدها، وانقل وباءها لبئر ميعة» وهي مكان يقال له الجحفة فيما زعموا.
فكانت المدينة بعد ذلك من أصح الأرض وأكثرها بركة وثمارا، وأشدها حبا في قلوب المؤمنين لا يحب أهلها إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، اما الجحفة فإن الوباء انتقل إليها.
أما الشام واليمن وأهلهما فقد حظوا بنصيب وافر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دعا لهم دون ان يسأله أحد ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم «اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا،» قالوا: وفي نجدنا، قال: «هناك الزلازل والفتن وبها» أو قال «ومنها يخرج قرن الشيطان».
أما فيما يخص الأمة المحمدية أمة الاسلام فقد دعا لها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة ـ أي القحط والجوع. فاعطيناها، وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق. وفي رواية: ألا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فاعطيناها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعناها». فالأمة الإسلامية لا تستأصل بالجوع والقحط ولا بالغرق مع اجتماع العدو عليها، ومهما اجتمع عليها من اعداء وتكالبوا فلن يهلك هذه الامة عدو من خارجها ابدا وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم. كم من حروب وأعداء اجتمعوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كانت نهاية الاعداء على يدها مهما طال ظلمهم أو قويت شوكتهم.