وأنا اتصفح إحدى المجلات الإسلامية لفت انتباهي إعلان للجنة المنابر القرآنية كان عنوانه:
ولدي الحبيب، انقطع عملي، فأين أنت مني؟ وأنت غرسي وأملي، صدقتك عني تؤنسني في قبري، وتدنيني من رحمة ربي، فلا تحرمني برك. ووجدت من الواجب علي أن نبين حق الوالدين في الإسلام كما جاء في الكتاب والسنة، إن أعظم حق بعد حق الله والرسول صلى الله عليه وسلم هو حق الوالدين حيث قال الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا). فقد اوصى الله تبارك وتعالى وصية خاصة بالوالدين فقال تعالى(ووصينا الإنسان بوالديه) وبين جلا وعلا الحكمة العظيمة من هذه الوصية فقال تعالى (حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين). سورة لقمان.
يقول الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، في تفسيره لهذه الآية أي حملته ضعفا على ضعف فمن حين أن ينشأ الحمل بها الضعف إلى أن ينتهي الحمل ثم بعد ذلك يأتي دور الحضانة.
لقد جعل الله بر الوالدين مقدما على الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله، قال: الصلاة على وقتها، ثم أي، قال: بر الوالدين، قلت ثم أي، قال: الجهاد في سبيل الله»، وفي صحيح مسلم أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أبايعك على الهجرة والجهاد، وأبتغي الأجر من الله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهل من والديك أحد حي، قال: نعم، بل كلاهما، قال: فتبتغي الأجر من الله عز وجل، قال: نعم، قال: فأرجع إلى والديك فأحسن صحبتهما». وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «قدمت على أمي وهي مشركة وكان أبوبكر رضي الله عنه قد طلقها في الجاهلية، فقدمت على ابنتها أسماء في المدينة بعد صلح الحديبية، قالت أسماء: فاستبقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يارسول الله قدمت على أمي وهي راغبة في أن أصلها بشيء أفأصلها يا رسول الله، قال: نعم صلي أمك». وبر الوالدين ليس في الحياة فقط وإنما بعد الممات أيضا، فقد أتى رجل من بني سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما بعد موتهما، قال: نعم الصلاة عليهما، يعني الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما أي وصيتهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما» رواه ابوداود.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم. ومن أثار بر الوالدين تفريج الكربات ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في قصة الثلاثة الذين أواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانطبقت عليهم صخرة فأغلق الغار عليهم فتوسلوا إلى الله عز وجل بصالح أعمالهم أن يفرج الله عنهم، فقال أحدهم اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي طلب الشجر يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت بعض الصخرة وتوسل صاحباه بصالح أعمالهما فانفرجت وخرجوا يمشون».
بر الوالدين يكون ببذل المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل وسنجد أثاره الحميدة علينا في الدنيا والآخرة.
«رب اغفر لي ولوالدي وارحمني وارحمهما كما ربياني صغيرا».
[email protected]