من الدراسات العلمية التأصيلية في مجال الطب النفسي وذات الدلالات والإسقاطات السياسية، دراسة اللورد ديفيد أوين السياسي البريطاني والطبيب الباحث والذي تولى مناصب سياسية متعددة فكان زعيما لحزب ووزيرا للخارجية وعضوا بالبرلمان وسفيرا لمنظمات دولية.
كتب د. أوين مع زميله د.جوناثن ديفيدسون مقالا في مجلة برين أو العقل البريطانية أصل فيه مفهوم وتوصيف حالة من الاختلال النفسي المكتسب اسماها «متلازمة هبرس» أو باللغة العربية «متلازمة الغطرسة». حيث لخص الباحثان أعراض هذا النمط المرضي من التفكير بفقدان التواصل مع الواقع والثقة المفرطة بالذات والاستعلاء على آراء الآخرين وذوبان الذات مع السلطة. كما دلل د.أوين في كتابه الممتع «المرض والسلطة» بالأمثلة من الواقع السياسي وعلى مدى قرن من الزمان على تأثير أمراض بعض رؤساء دول وزعماء على نمط تفكيرهم ومن ثم قراراتهم وتداعياتها التاريخية السلبية. هذا التوصيف النفسي المرضي الجديد «متلازمة الغطرسة» وجد شعبية لدى الكثير من المهتمين بالشأن العام وإدارة الأفراد في عالمنا العربي خصوصا أن هذا الاضطراب قد يصيب أي صاحب سلطة أو مهنة والأمثلة في عالمنا أكثر من أن تحصى. ولذا دعا البعض الى طرح وسائل للوقاية تتمثل في تحديد مدة السلطة للفرد وإخضاع القرار لسلطة جماعة الأفراد وفق دستور أو ميثاق.
خصنا الأديب الكبير د.يعقوب الغنيم بقصيدة عن داء العناد عطفا على مقال كتبناه بالأسبوع الماضي قال فيها:
بُنَيَّ أراك تجنح للعنادِ
وتأبى أن تسير على الحيادِ
وفي طبع العناد أذى كثير
يصُدُّ الناس عن درب السدادِ
بُنَيَّ بذاك ما هدأت نفوس
ولا نال المؤمِّل من مُرادِ
فكم أوْدَى العناد بأمن شعب
وشتت شمله بعد اتِّحادِ
وكم أدى إلى خُلْفٍ كبير
وكم أفشى التَّفرَق في البلادِ
فخذ ما شئت من نصح ففيه
شُعاع تبَتغيه إلى الرشادِ
وأبلغ منه صحبك كل يوم
وأطلق نوره في كل نادِ
بلادك درة الأوطان دوما
وأهلك شعبها عالي العمادِ
إذا شئنا لها عزَّا ومَجْدا
وذكرا طيبا في كل وادِ
فأوَّل ما نريد لها حياةً
مُوَطّأة الجوانب بالودادِ
به تصفو النفوس وإن تمادت
دخائلها وبئسا بالتمادي
فلا خيرا وجدنا في عناد
سوى نُذُرٍ بأيام شداد
ولا كان الصراخ دليل قوم
إلى العلياء من بعد الرقاد
ولكن الذي نهفو إليه
وما نُلقي إليه بالقياد
هو الوطن الذي نلقى بنيه
يديرون الأمور على اتِّئاد
سلمت كويتنا من كل سوء
ودمت لأهلنا نعم المهاد
[email protected]