جعفر محمد
جُبل أهل الكويت قديما على نصرة المظلوم وأخذ الحق له ممن تعسف في ظلمه أو حال بينه وبين حقه، فكان المواطن يلجأ للشيوخ أو التجار أو أهل الصلاح والتقوى ليطلب نجدتهم وفزعتهم، ويكون له ذلك وتحل المشكلة في وقتها، ومع مرور الوقت وتحديدا بداية الستينيات ازدادت هذه الظاهرة واستفحلت وخرجت عن مضمونها الرائع وهدفها النبيل، وحل مكانها التعصب لأبناء القبيلة والطائفة والعائلة والفريج والمنطقة حتى أصبحت كارثة كبيرة حلت على رؤوس الناس فضاعت الحقوق، وطمست الكفاءة وحل مكانها التخبط، وانساق الناس وراء غرور الانتماء، وبكل أسف فقد كانت الدولة ترعاهم وتنمي هذا الجانب وكأن ليس لها عين تشاهد وأذن تسمع، فانتقل الداء إلى مجلس الأمة الذي راهق حتى وهو في الستين من عمره فراح أعضاؤه يقدمون الاقتراحات والقوانين بنكهة الاستثناء، حتى تنسجم أطروحاتهم مع التسيب العام لدى المواطن فيضمنون العودة إلى المجلس، لا للتنمية بل للخراب وممارسة الإرهاب في استخدام الاستجواب، ومن لا يصدقني أو ربما يريد أن يقتنع فلينظر لثلاثة شواهد (البلدية - السلك الديبلوماسي - بنك التسليف) فالبلدية جهاز يعتبر حجر أساس لكل مجتمع راق، بينما بلدياتنا تعيش على الاستثناء وتهوى الشذوذ عن القاعدة، وسلكنا الديبلوماسي الذي به نناظر العالم ونعكس له ثقافتنا، يئن من التخبط والتمثيل الائتلافي لعيون النواب وترشيحاتهم، وبنك التسليف الذي يناط به تقديم العون والخدمة لأبناء هذا البلد حتى تكتمل دورة الحياة، نظامه الأساسي غابت ملامحه وأصبح بقالة تريد منافسة مركز سلطان، فأي بلاء جلبته لنا الاستثناءات التي بدأت بتدخل جميل وقيمة مضافة أجمل، حتى انتهت بنا واستشرت فأصبحت سرطانا وجبت مكافحته.
كلمة راس:
سمو رئيس مجلس الوزراء أناشدك بوطنيتك أن تهدم الدواوين لكي ينهدم معها هذا السرطان، فالكويت ملك لأبنائي ولا أعز منها ومنهم فمن يرد تنظيم الدواوين فإنما هو كمن يريد تسديد طلقة الرحمة على القوانين التي من شأنها تكون لنا هيبة.