الأحداث في غزة تتسارع بصورة لافتة للنظر، فرغم الهدنة المتفق عليها بين سائر الفصائل وبين حكومة الصهاينة إلا أن هذه الأخيرة لم تتوقف عن اغتيال القيادات الفلسطينية وأحيانا تغتال أشخاصا عاديين ـ مع أهمية الجميع ـ كما تدمر بعض المصانع بحجة أنها تسهم في صنع السلاح للمقاومة، إلى غير ذلك من الجرائم التي مازالت تفعلها بين آونة وأخرى دون النظر إلى كل الاتفاقات المبرمة مع القيادات الفلسطينية والتي رعتها مصر في الآونة الأخيرة وحاولت الاستمرار في هذه الرعاية رغم رفض الصهاينة التوقف عن الاغتيالات بحجج واهية دوافعها ـ فيما أظن ـ احتقار العرب وقياداتهم.
وفي الآونة الأخيرة بدأ بعض غلاة الصهاينة اقتحام المسجد الأقصى وإقامة صلواتهم في معظم جوانبه وتحت حراسة الأمن الصهيوني دون إقامة أي اعتبار لقداسته عند المسلمين جميعا.
فكرة هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل نبي الله سليمان ـ المزعوم ـ مكانه فكرة يتبناها الصهاينة وقد عملوا من أجل تحقيقها زمنا طويلا، فهم يحفرون عشرات الأنفاق تحت قواعد المسجد، ولا يسمحون بأي عملية ترميمية له، كما أن تهجير الفلسطينيين من القدس بكل الطرق لم يتوقف، كل ذلك لكي يتمكنوا من هدمه بكل بساطة ويكون المستوطنون ـ وحدهم ـ من يقيم حوله فيخلو لهم الجو لفعل ما يريدون دون أي مضايقات كما يعتقدون!
انشغال العرب بربيعهم ـ من جهة ـ والضغوط الأميركية والصهيونية على بعضهم ـ من جهة أخرى ـ سهلت للصهاينة مهمتهم إلى درجة كبيرة، وربما يفعلون الكثير قريبا إذا استمر التجاهل العربي لأحداث غزة ولمحاولات هدم الأقصى.
أتفهم أن ينشغل بعض العرب بأحداث سورية وهي مهمة إلى درجة كبيرة ولكني لا أستطيع أن أفهم لماذا يتجاهلون جرائم الصهاينة بكل أنواعها؟ لماذا صمت الكثيرون عن قتل بعض القيادات الفلسطينية في غزة؟ ولماذا لم يتحركوا لإنقاذ الأقصى مع أنه ثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسولنا الأعظم؟ كيف يسوغون لأنفسهم السكوت عن ذلك كله؟ وكيف سيفسرها العدو الصهيوني؟
دول الخليج عليها مسؤولية مضاعفة، فهي تملك المال والمكانة وقد وعدت السعودية وقطر ببناء ما هدمه الصهاينة من منازل ومدارس ومؤسسات عامة، فلعلها تقوم بما وعدت به سريعا، كما أن لهذه الدول تأثير على أميركا ومن حق الفلسطينيين عليهم أن يحقنوا دماءهم ويحافظوا على مسجدهم.
الجهد الذي تبذله الجمعيات الخيرية في الكويت وما يقوم به بعض أعضاء مجلس الأمة جهد مشكور ولكن الحاجة تستدعي أكثر من هذا الجهد فلعل جهود إخواننا في الكويت مضافا إليها جهد الدولة تحقق بعض تطلعات إخواننا في غزة بالإضافة إلى إنقاذ المسجد الأقصى من المكائد التي تحيط به.
ومصر ـ هي الأخرى ـ عملت الكثير ومن واجبها أن تتابع ما قامت به وان تقف بحزم إلى جانب أشقائها في غزة، تمدهم بالكهرباء، والغاز والطعام وكافة متطلباتهم التي تساعدهم في الدفاع عن أنفسهم بالإضافة إلى الدعم السياسي.
الربيع العربي خطوة فارقة في التاريخ العربي الحديث، ولكنه سيبقى ناقصا ما لم يصل هذا الربيع لكل الفلسطينيين، فهل يعي العرب هذا؟!
[email protected]