كيد النساء عجيب وغريب، يقول صديق لي وهو دكتور مصري، كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل وكان كل شيء هادئا في الشارع الذي أمر به عائدا من سهرة طغى فيها الشراب على الأفئدة والأعصاب وتحت تأثير النشوة وفي هذا الجو الهادئ المظلم بدأت أدندن بمطلع أغنية قديمة «ياريت زمانك وزماني يسمع ويرجع من تاني» ويظهر اني كنت مسلطنا أكثر من اللزوم عندما أخذت أعيد وأكرر فلا أنتهي من «تاني» حتى أرجع الى «زمانك وزماني» وكنت في أثناء الغناء انتقل من وسط الشارع الى الرصيف الى الجدار فأسند ظهري واضع يدي على أذني وهات «ياريت» وبينما انا على هذه الحال اذا بي اسمع صوتا ناعما «كمان يا حبيبي» تعوذت من إبليس والتفت فرأيت وجه امرأة يطل من إحدى النوافذ وهي على جانب من الجمال والدلال والكيد الحلال يعني «صاروخ» ودعتني، وخطر لي ان أعتذر ولكن أين الرجل الذي يستطيع ان يفعل ذلك؟ بل دلوني على الشهم والحمش الذي يسمع امرأة حسناء تناديه بعد منتصف الليل فلا يلبي النداء؟ دخلت الصالة في وسطها مائدة تعلوها زجاجة ويسكي وكأسان وبدا كل شيء متقنا وفي انتظار رجل وامرأة، أما المرأة فقد عرفناها ولكن من هو الرجل؟ لم أكن أنا هو في الأصل ولكن الظروف او الأقدار او مكر النساء هو الذي قضى بهذا الاستبدال واليك ما جرى وأنا جالس اسمع خبطة على الباب فتحت دخل علينا شاب وبيده خنجر وفي عينيه دلائل الغضب والشر والغيرة عرفت بأن صاحبنا هو المدعو الأصلي ولكن لسبب ما تخلف فاستاءت وبلغ بها الكيد والمكر لتدعوني المهم لا أستطيع ان أكمل لأني رأيت عزرائيل في هذه الليلة.
***
الصحافي كائن مزعج جاسوس يرفع تقاريره الى القراء والقارئ ديكتاتور متطلب يريد ان يعرف أكثر، لا تقنعه الرواية الرسمية يستقبلها بابتسامة المجرب وبالكثير من التشكيك يلقي على الصحافي مهمة كشف منسوب التلاعب في الرواية والذهاب الى الكواليس والتسلل الى المناطق المحظورة والعودة منها بما يسد الجوع الى الحقيقة او الإثارة، الصحافي كائن مزعج يريد ان يعرف القصة بخلفياتها وخيوطها وما رافقها من ارتكابات يريد ان يكون خبره مختلفا ومميزا يريد إرضاء ضميره وكسب استحسان قرائه.
يا سادة يا كرام في الختام قرأت هذه الجملة «عاقل من يتفرج على العالم» وأنا أقول: عاقل من يتفرج على مجلس الأمة وبعض نواب الأمة.
allmashar@