حققت جماعة الإخوان المسلمين انجازا تاريخيا بفوز مرشحها بالرئاسة المصرية أمس وأصبحت تواجه مهمة شاقة للمصالحة وجمع الشمل بعد حملة انتخابية أثارت استقطابا حادا في البلاد.
وقال عمار علي حسن أستاذ علم الاجتماع السياسي والخبير بالجماعات الاسلامية إن استمرار بقاء المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر منذ تنحي مبارك حتى انتخاب برلمان جديد للبلاد وحالة التربص الموجودة حالية ستجعل من الضروري على د.مرسي التوافق مع القوى السياسية الأخرى.
لكنه أوضح ان هناك ازمة ثقة ومشكلة مصداقية لاتزال قائمة بين القوى السياسية والإخوان. وقال ان انفتاح الجماعة على القوى السياسية الأخرى جاء متأخرا جدا نتيجة الحصار المفروض عليهم من المتشككين في مسألة الدولة الدينية والثورة المضادة.
وتعهد مرسي في مؤتمر صحافي يوم الجمعة باختيار رئيس وزراء وطني مستقل يقود حكومة انقاذ وطني، وعدم تعيين نواب للرئيس من حزب الحرية والعدالة.
وظهرت مع مرسي في المؤتمر الصحافي شخصيات بارزة من تيارات سياسية مختلفة في تجمع اطلق عليه «الاصطفاف الوطني». لكن في اليوم التالي احتشد عشرات الآلاف في منطقة اخرى بالقاهرة وشاركت شخصيات بارزة من تيارات أخرى في التجمع.
ويقول د.وحيد عبدالمجيد المحلل السياسي وعضو البرلمان المنحل إن التعهدات التي قدمها مرسي عامة وغير محددة يمكن الوفاء بها او عدم الوفاء بها.
وقال «سيختلف الحكم عليها وفقا لفهم كل طرف... انها لا تقدم شيئا ملموسا». وقال إن مرسي سيقوم بأشياء معينة قد لا ترضي الآخرين.
ورأى أنه من الأجدى ان تكون هناك اجراءات عملية خاصة فيما يتعلق بالحكومة مثل الاتفاق حول برنامجها. واقترح ان تكون هناك لجنة تشرف على اعداد هذا البرنامج وان يكون هذا البرنامج مستمدا من برامج مرشحي الثورة جميعا. وقال انه يتعين ان يكون هناك توافق على رئيس هذه الحكومة. وانتقد الناشط السياسي علاء عبدالفتاح الاخوان وقال في تغريدة على موقع تويتر إن التعهدات لحظة اصطفاف مؤقتة.
وأيدت قوى سياسية مثل حركة شباب 6 ابريل التي عارضت هيمنة الاسلاميين على البرلمان وانتقدت مواقف الجماعة في السابق ـ مرسي في الانتخابات الرئاسية.
وقالت في بيان «اختلفنا مع الإخوان كثيرا.. وهاجمناهم أكثر.. لا لغاية في نفوسنا.. بل لمصلحة الوطن نعمل».
واضافت ان تأييدها لمرسى «جاء نابعا من حرصنا على مصر الثورة.. فلم يكن من المنطقى أن يكون في مواجهة النظام السابق ولا نؤيده».
وقال الروائي والنشط السياسي علاء الاسواني ان فوز مرسي يحمل «فرصة للاخوان ليكفروا عن اخطائهم في حق الثورة.. واجبنا ان نتوحد لننتزع سلطة الشعب من العسكر. الاخوان أتمنى الا تخذلونا مرة اخرى».
وكان نشطاء وجهوا انتقادات حادة لجماعة الإخوان التي بدت ـ بعد إسقاط مبارك ـ متعاونة مع المجلس العسكري الذي قال النشطاء إنه استهدفهم في الشوارع وألقى القبض على ألوف منهم دون أي انتقاد للمجلس من جانب الإخوان.
وتطلع المصريون طويلا الى انهاء المرحلة الانتقالية المستمرة منذ 16 شهرا ويأملون ان يكون انتخاب رئيس جديد بإرادة شعبية هو بداية جديدة، لكن الاختلاف على توجهات الرئيس القادم تثير انقساما حادا في الشارع.
وفي المقابل لم تغير تعهدات مرسي مواقف قوى سياسية مثل الحركة المصرية من اجل التغيير (كفاية) التي أكدت ان موقفها من الجماعة لم يتغير حتى الآن. وقال مصطفى الشيخ منسق الحركة في الاسكندرية عبر الهاتف إن الكثيرين من نشطاء الحركة قلقون من الاخوان لمواقفهم السابقة.
وانتقد المحلل السياسي والنائب المستقل في البرلمان المنحل عمرو حمزاوي في سلسلة مقالات نشرت مؤخرا في صحيفة الوطن المستقلة جماعة الإخوان وقال إن «نزوعها للهيمنة والاستئثار بعد الثورة» اوجد «سلوكا سلطويا أغضب وأبعد الكثيرين من حلفائها السابقين فى الجماعة الوطنية المصرية».