جملة طالما سمعناها عندما كنا أطفالا أو ربما قلناها حينما لا تأتي أمور اللعب على هوانا وقد تسبقها أحيانا عبارة «عيده عيده» والتي نطلب من خلالها إعادة اللعب حينما تأتي رياح اللعب بما لا تشتهي سفننا، وقد نلجأ للخيار الأصعب: «بطّلنا» ونلوح به وهو آخر الحلول حينما يقابل طلب الإعادة بالرفض وهو الامتناع عن اللعب لتخريب اللعبة على الجميع وإفساد المتعة بأنانية متناهية.
هذا هو حال حكومتنا ومستشاريها، سواء المعينون أو ممن استقطبتهم من النواب بطريقتها الخاصة، فبعد ان تم تعديل الدوائر الى خمس في العام 2006 قامت الحكومة عامدة بتقسيم الدوائر الى خمس بشكل يفتقر إلى العدالة واستخدمت دهاءها في ذلك من اجل إيصال أكبر عدد من حلفائها سواء من خلال أعداد الناخبين أو المناطق المختارة ضمن كل دائرة، وبالفعل تم حل مجلس 2006 لتتم الدعوة إلى الانتخاب على أساس الدوائر الخمس ليأتي مجلس 2008 إلا انه لم يكن على مستوى طموح الحكومة، رغم وجود عدد لا بأس به من حلفائها فرفعت الحكومة كتابا بعدم التعاون بسبب كثرة الاستجوابات ليتم حله فيأتي بعده مجلس 2009 الذي تضمن قضية الإيداعات المليونية والذي تم حله وبإرادة شعبية هذه المرة، ليأتي مجلس 2012 والذي كان كارثة من وجهة نظر الحكومة، فبعد الإيداعات المليونية والتي دوت أصداؤها في أرجاء البلاد جاء رد الشعب حاسما وبأغلبية تعارض الحكومة في نهجها السابق بيد أن ذلك لم يرض الحكومة التي لم تأل جهدا في البحث عن مخرج لها من ذلك المأزق خاصة أنها، أي الحكومة، لاتقوى على الصمود أمام مجلس كهذا.
وبالفعل لم تجد الحكومة من تطبيق مبدأ «بطّلنا» والتوقف عن اللعب كون النتيجة ليست في صالحها ولكن سبب الحل هذه المرة كان الأغرب في تاريخ الحياة الديموقراطية بالكويت ان لم يكن بالعالم، ذلك ان افترضنا حسن النية وذلك من خلال الطعن بمرسوم حل مجلس 2009 لتدب الحياة بالمجلس المنحل 2009 ويتم إبطال مجلس 2012، ورغم ذلك كله ارتضى الشعب والمعارضة الاختصام للدستور والذي أعاد الأمور إلى نصابها إلا أن مستشاري الحكومة ودهاتها لم يقبلوا بذلك كونهم يعلمون انه بالعودة إلى الانتخابات سيأتي الشعب بمجلس أقوى من سابقه المبطل، عندها تعالت أصوات البعض لتطالب بالصوت الواحد، معللين مطالبهم تلك بمبررات كحقوق الأقليات وأن الانتخابات في العالم اجمع هي بصوت واحد، وهي أمور بجانب كونها غير صحيحة إلا أنها تتعارض مع الديموقراطية وهي حكم الأغلبية الذي طالما تشدقوا به في مجلس 2009 إلا إذا كانت الحكومة ترغب في تطبيق نظام «الكوتا» للأقليات في الدوائر فهذا شيء آخر، وهذا غير دستوري ويتعارض مع الديموقراطية أيضا، أما نظام الانتخاب بالصوت الواحد فهو غالبا يتم في الانتخابات الرئاسية كما أن أنظمة الانتخابات في العالم متعددة ومختلفة حسب طبيعة كل دولة ولا يلزمنا التقيد بأحد منها، فهناك نظام الصوت والواحد والصوتين ونظام القوائم النسبية وغيرها، بالإضافة إلى أن نظام الصوت الواحد يعتبر معيبا كونه لا يعبر عن غالبية الدائرة ولا يمثلها بصورة حقيقية، فضلا عن انه يسهم في تمزيق المجتمع وزيادة الفئوية والطائفية القبلية وهو ما يتعارض مع هدف الحكومة المعلن وسببها في ذلك التعديل.
ختاما: برغم قناعتي المطلقة بعدم دستورية تعديل قانون الانتخاب في ظل غياب المجلس إلا أن ما يجعلني أزداد قناعة هو تدخل السلطة التنفيذية في اختيار من يراقبها من خلال التدخل في تشكيل السلطة الرقابية وآلية وصولها للبرلمان وهو ما يثير الشبهات حول البرلمان المقبل والذي يجعل منه سلطة بفتح السين بدلا من ضمها... وعليه نقول لكم «بطلنا محنا منتخبين».
[email protected]
twitter@al7armal