- نصيحتي لمن يريد حفظ كتاب الله أن يهتم باختيار شيخ متمكن وأن تكون له منهجية واضحة في الحفظ
- الخطأ لا يعني الفشل وإنما هو فرصة للتعلم وإثبات الذات
- بدأت التعليم وحفظ كتاب الله في كتاب القرية وواجهت الكثير من التحديات لكن المثابرة طريق النجاح
- لابد للطالب من أن يرد الفضل لأهله ويتأدب مع مشايخه وهذا ما تعلمناه منذ الصغر
- هنيئاً للكويت وجود حفظة متميزين للقرآن الكريم من فئة الشباب
- على وسائل الإعلام أن تعمل على نشر الإيجابية وتبتعد عن الإثارة ونشر الفوضى وقد رأينا ما فعل الإعلام
- نعتقد في الرئيس مرسي خيراً وعلى أهل مصر جميعاً أن يتكاتفوا لتجاوز هذه المرحلة
- استفدت من احتكاكي بكبار القرّاء.. والعلم لا يعرف صغيراً أو كبيراً متى ما وجدت الإرادة
- بيع الإجازات القرآنية والأسانيد يتطلب وقفة جادة من وزارة الأوقاف وأهل العلم وقد أسست قسماً للإجازات والأسانيد
حاوره: ناصر الخالدي
هذا الأسبوع نحن على موعد مع رحلة لم تكن عادية على الإطلاق، فمسار صاحبها يفوح منه عبق التراث العربي والإسلامي. التحق بالكتاب منذ الصغر كما كان الحال مع غالبية الأطفال في وطننا العربي في هذه الفترة، وتدرج من الكتاب إلى المدرسة ثم انتقل إلى القاهرة في رحلة لم تستمر طويلا ليعود إلى قريته وهناك أتم حفظ القرآن الكريم.
بدأ ضيفنا فضيلة الشيخ أحمد المعصراوي حياته العملية مدرسا بالمعاهد الأزهرية في فترة تعلم منها طرق ومهارات التدريس ثم انتقل بعد ذلك إلى جامعة الأزهر - قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بالقاهرة مدرسا للحديث ثم أستاذا مساعدا ثم أستاذا بنفس القسم.
هذا التدرج لم ينته في حياة ضيفنا الذي أصبح فيما بعد رئيس لجنة مراجعة المصاحف بمجمع البحوث الإسلامية وشيخ مقرأة مسجد الإمام الحسين ثم بعد ذلك أصبح عضو لجنة الاختبار بالإذاعة إلى أن أصبح شيخ عموم المقارئ المصرية.
في هذا اللقاء يتحدث عن رحلته في طلب العلم متى بدأت، وكيف استمرت، ثم يتحدث بكل صراحة عن انتشار الإجازات والقرآنية والأسانيد. نحاول من خلال هذا اللقاء التعرف على المعصراوي قارئا ومعلما وإنسانا.
فإليكم تفاصيل الحوار:
فضيلة الشيخ في البداية لو تحدثني عن بداياتك الأولى؟
٭ ولدت عام 1953م في محافظة الدقهلية وتحديدا في قرية تسمى «دنديط» وفي هذه القرية، كما في كثير من قرى مصر، الاهتمام كبير للغاية بالقرآن الكريم، وهذا يؤكد أن البيئة تلعب دورا كبيرا في صقل شخصية الانسان.
متى تحديدا بدأت رحلتك مع حفظ القرآن الكريم؟
٭ ذهبت إلى كتاب القرية الخاص بالشيخ عبدالحميد المعصراوي وكان عمري 6 سنوات فواصلت الحفظ دون توقف وأتممت الحفظ كاملا وعمري 10 سنوات وتلك الفترة هي مرحلة مهمة في حياتي لأن الطالب الذي يتعلم بشكل جيد يصبح المجال أمامه مفتوحا للنجاح والتميز.
من هم المشايخ الذين تعلمت عندهم؟
٭ من المشايخ الذين كان لهم دور كبير في حفظي ومراجعاتي الشيخ محمد السيد المعصراوي والشيخ عبدالحــــميد المعصراوي والشيخ السحـــيمي وهو جدي لأمي وغيرهم من أهل العلم، فجزاهم الله عني كل خير، والطالب لابد أن يــــرد الفضل لأهل الفضـــــل وأن يتأدب مع شيوخه وهذا ما تعلمته.
موقف لا أنساه
ما المواقف التي لا تنساها أثناء رحلتك في حفظ القرآن؟
٭ ذات يوم نهرني الشيخ عبدالحميد المعصراوي وكان صوته جهوريا مخيفا فلم اتمالك نفسي وتبولت من الخوف وعدت إلى المنزل فتأثرت جدتي لما رأتني بهذه الحالة ومنعتني من الذهاب إلى الشيخ عبدالحميد مرة ثانية.
فكيف واصلت الرحلة بعد هذا المنع؟
٭ في هذه الفترة كنت أذهب للكتاب وأيضا أذهب للمدرسة وكان مدير المدرسة صديق جدي فقال له إن ابن ابنتك رؤيته للسبورة ضعيفة فعليك أن تعلمه القرآن وهنا انقطعت عن الكتاب وقرر والدي أن يأخذني معه إلى القاهرة حيث كان يعمل فيها.
كيف وجدت القاهرة وما أبرز الاستفادات من الدراسة هناك؟
٭ في القاهرة التحقت بكتاب الشيخ حفني وتعلمت القرآن وهناك كانت من أبرز استفاداتي أنني تعلمت القرآن والحساب والخط والإملاء وغير ذلك من العلوم ثم بعد عامين تقدمت للمعهد النموذجي الأزهري وكان عمري 9 سنوات.
وهل تخرجت في المعهد النموذجي الأزهري؟
٭ كان المعهد النموذجي يشترط أن يكون عمر الطالب عند الالتحاق 10 سنوات عل الأقل وتقدمت للمسابقة المؤهلة لدخولي المعهد، وبفضل الله نجحت في الاختبار وحصلت على استثناء لدخول المعهد لكن شاء الله أن جدي كان في القاهرة ورأى أن يأخذني معه إلى القرية حتى أحفظ القرآن بإتقان.
عودة إلى القرية
هل نجحت خطة جدك بعد عودتك من القاهرة؟
٭ ذهبت مع جدي إلى القرية والتحقت بالكتاب عند الشيخ عبدالحميد حجاج وهو تلميذ الشيخ عبدالحميد المعصراوي والحمدلله على يديه منّ الله علي وأتممت حفظ القرآن كاملا في عام وأتذكر أن الشيخ عبدالحميد حجاج كان دائما يقول أخاف عليك أن تنسى القرآن لأنني كنت سريع الحفظ ولذلك راجعت حفظي على الشيخ حجاج مرتين وهذا وصيتي لمن يريد حفظ القرآن أن يهتم بالمراجعة ومعاهدة القرآن.
وماذا عن تعلمك التجويد؟
٭ بعد حفظ القرآن ذهبت عند الشيخ محمد اسماعيل عبده حيث جودت عليه القرآن وقرأت عليه ختمة كاملة برواية ورش عن نافع وهذه الختمة كانت بدايتي مع القراءات وبعدها أكرمني الله والتحقت بمعهد القراءات في القاهرة وهي من أهم المراحل في حياتي لأنني تعلمت فيها الكثير.
في أي عام التحقت بمعهد القراءات؟
٭ كنت جالسا عند الشيخ عبدالحميد حجاج فجاء مفتش من الأزهر ولما سمعني اقرأ قال لي «يا ابني انت صغير وتحفظ جيدا» واقترح علي أن التحق بمعهد القراءات وبالفعل التحقت بالمعهد عام 1967م وفي هذه الفترة كنت اقرأ مع المشايخ الكبار.
كيف كانت طريقة المشايخ في المعهد؟
٭ كانت طريقتهم أنهم يكملون لبعضهم القراءة وهذه طريقة صعبة إلا أنها تجعل القارئ يحفظ بشكل جيد وكنت أقرأ معهم على الرغم من صغر سني وحدث ذات مرة أن أخذت اقرأ بعد الشيخ عبده حجاج وأخطأت في سورة سبأ خطأ واحدا فنهرني جدا وقد تعلمت من هذا الموقف كثيرا.
من هم المشايخ الذين حضرت عندهم في معهد القراءات؟
٭ درست في معهد القراءات 8 سنوات وخلال هذه السنوات التقيت بكبار المشايخ ومنهم الشيخ الزيات والشيخ محيسني والشيخ قمحاوي والشيخ رزق حبة والشيخ أحمد أبو غيطة والشيخ محمد يونس عبدالحق والشيخ عبدالرؤف سالم والشيخ عامر عثمان قرأت عليه والشيخ متولي الفقاعي قرأت عليه والشيخ الهمذاني والشيخ أحمد علي مرعي وهذه الكوكبة من المشايخ كان لهم الفضل بعد الله فيما وصلت إليه.
لكن ما سر اهتمامك بالقراءات في الأساس؟
٭ كان بعض الناس يقولون إن المعصراوي يعصر دماغه في القراءات والحــــقيقة أن كل ما في الأمر هو أنني أحببت تعلم القراءات منذ طــــفولتي ومحبة الشيء طريق للنجاح فأنا كنت أصغر الدارسين في معــــهد القراءات وهذا يؤكد أن النجاح لا علاقة لــــه في العمر وإنما هي مهارات وقدرات ومواهب من الله تعالى يعطيها الانسان.
بعد الانتهاء من معهد القراءات أين اتجهت؟
٭ بعد هذه المحطة التحقت بكلية الدراسات الاسلامية وهناك تتلمذت على يد كبار العلماء ومنهم الشيخ سمون والدكتور عوض الله حجازي والدكتور أبو زهرة والدكتور أحمد عمر والدكتور مكاوي والدكتور محمد سيد طنطاوي ولا شك أن تتلمذي على يد هؤلاء الكبار كان له أثر كبير على شخصيتي فيما بعد.
منارة العلم
كيف ترى الأزهر؟
٭ الأزهر منارة للعلم لكنه وللأسف الشديد تأخر كثيرا وذلك لأسباب كثيرة لعل أبرزها أن الدولة في العهد السابق تعمدت أن تضعف الأزهر فلم يكن للأزهر دور كما كان في السابق ولكن نأمل أن ينهض الأزهر من جديد على يد علماء أجلاء فضلاء خصوصا أن الرئيس محمد مرسي قال إنه سينهض بالأزهر كما كان سابقا.
برأيك كيف يمكن النهوض بالأزهر؟
يمكن النهوض بالأزهر بأن يتم اختيار عالم فاضل يتولى الأزهر ويكون حريصا على حفظ هذه المنارة وأعتقد أنه بصلاح شيخ الأزهر سيتم اصلاح المناهج وكثير من الأمور ستنصلح.
ما الطريقة التي تراها مناسبة لاختيار شيخ الأزهر؟
٭ أفضل طريقة أن يتم الاختيار عن طريق الانتخاب النزيه المرموق وبالتالي يكون هناك مجال واسع للعلماء وأهل الفضل أن يختاروا من يعتقدون فيه الصلاح.
ما رأيك بما تمر به مصر حاليا؟
٭ نحن نرى في الرئيس مرسي خيرا لاسيما أنه يحفظ كتاب الله عز وجل وما رفعه الله إلا بالقرآن والنبي عليه الصلاة والسلام يقول «إن الله يرفع بهــذا القرآن أقواما ويضع به آخرين» وإلى جانب ذلك فالخطوات التي بدأ فيها الرئيس تبشر بخير ويكفي أنه جاء من خلال الانتخاب وبالتالي فهو نتيجة اختيار الشعب المصري.
ولكن مصر الآن تشهد احتجاجات وفيها معارضة لقرارات الرئيس؟
٭ أعتقد أنها تصدر فئة قليلة لا تمثل غالبية الشعب، ومن الطبيعي أن يكون هناك من لا يريد لمصر الارتقاء والتطور والنهوض وهؤلاء يعادون الإسلام وأتمنى على الشعب المصري أن يتحلى بضبط النفس وأن نكون على قلب رجل واحد حتى نتجاوز هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر التي نحبها جميعا.
ما رأيك بجهود وزارة الأوقاف الكويتية في خدمة القرآن الكريم؟
٭ أعتقد أن الكويت ممثلة بوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية تقوم بدور كبير في خدمة القرآن وأهله ويهتمون بالقراء اهتماما بالغا وذلك من خلال استضافة 70 قارئا في رمضان لإحياء ليالي رمضان وهذه الفكرة تدل على مدى الاهتمام وهنا لا يفوتني أن اتقدم بجزيل الشكر إلى وكيل وزارة الأوقاف د. عادل الفلاح وكذلك الشكر موصول للوكيل المساعد وليد الشعيب.
ما أكثر ما لفت انتباهك أثناء زيارتك الكويت؟
٭ الحقيقة هنيئا للكويت بوجود شباب متميز في حفظه للقرآن وهو الأمر الذي لفت انتباهي وقد اسعدني كثيرا وجود شباب كويتيين يشاركون في مسابقات دولية لحفظ القرآن الكريم وبعضهم قد حصد جوائز دولية وهذا دليل على أن الكويت تهتم بخدمة القرآن ولعل ذلك يظهر من خلال إنشاء مراكز قرآنية عالية المستوى فالله اسأل أن يحفظهم.
ما النصيحة التي توجهها للقراء الناشئين؟
٭ نصيحتي للقراء الناشئين أن يتواضعوا ويخلصوا النية ويؤسفني القول بأن بعض ابنائنا القراء إذا ما كان يصلي بالناس وصوته طيب ووجد أن الناس يثنون عليه رأيته وقد أعجب بنفسه وكأنه شيء عظيم وهو في حقيقية الأمر لا يزال في بداية الطريق.
نلاحظ في الآونة الأخيرة انتشار الأسانيد والإجازات القرآنية ما رأيك في ذلك؟
٭ أعتقد أن قضية الإجازات القرآنية والأسانيد يجب أن تكون لها مرجعــــــية واضحـــــة ولذلك أقمت موقعــــــــا إلكترونيا ووضعت بوابة خاصة بالأسانيد على أمل أن يكون في هذا العمل خدمة للقرآن وأهله.
ما واجب وزارة الأوقاف للتأكد من صحة الأسانيد والإجازات القرآنية؟
٭ على وزارة الأوقاف أن تعقد اختبارات للتأكد من استحقاق الإجازة القرآنية لأنه وللأسف الشديد البعض يحصل على الاجازات القرآنية من خلال دفع مبالغ مالية حتى أصبح موضوع الأسانيد والإجازات القرآنية موضوعا تجاريا بلا ضبط ولا قراءة.
ما نصيحتك لمن يريد حفظ كتاب الله؟
٭ نصيحتي لمن يريد حفظ كتاب الله ان يهتم باختيار شيخ مناسب متمكن من القرآن وأن ينتظم على منهج معين وهذا يساعد كثيرا على الاتقان.
كيف تجد الدراسة اليوم مقارنة بما كان سابقا؟
٭ لا شك هناك فرق كبير فالحالة المادية تلعب دورا كبيرا، اليوم الطالب لديه كل الإمكانيات ومع ذلك تجده يتكاسل، بينما في السابق كانت الإمكانيات متواضعة بل ضعيفة ومع ذلك تجد الجد والاجتهاد والعمل المتواصل من أجل النجاح والتميز.
رسالتك للإعلام؟
٭ أتمنى من الوسائل الإعلامية أن تهتم ببث الرسائل الإيجابية وأن تبتعد عن التصعيد ونشر الفوضـــــى لأن الاعلام مســؤولية وقد رأينا ماذا فعل الإعلام بكثير من الدول.
مؤلفات شيخ عموم المقارئ المصرية
للشيخ احمد المعصراوي الكثير من المؤلفات، منها: معالم الإهتداء في أحاديث خاتم الأنبياء، منحة الفتاح في أحاديث النكاح، أحكام الهبة والهدية من سنة خير البرية، أحكام النذور من سنة الرسول، صريح المنقول في الحديث الموضوع، بالإضافة إلى كتاب «الدرر في معرفة أهل الحديث والأثر».
كتاب نعيم الجنان في متشابهات القرآن
أشاد د. المعصراوي أثناء اللقاء بكتاب «نعيم الجنان في متشابهات القرآن» للشيخ محمد عاطف والذي قامت وزارة الأوقاف الكويتية بطباعته.
تجارب القراء
خلال حديثنا مع فضيلة الشيخ أحمد المعصراوي أعجبنا اقتراحه بأن يكون هناك عمل خاص لتوثيق تجارب القراء ورحلتهم مع القرآن الكريم فهناك الكثير من التجارب تستحق التدوين.
مسابقات دولية
شارك المعصراوي في تحكيم الكثير من المسابقات منها مسابقة بروناي وتايلند وتركيا ومكة ومسابقات مصر الدولية ومسابقات قطر ودبي الدولية وهو يرى أن مسابقات حفظ القرآن الكريم فرصة لتأهيل القراء في العالم الإسلامي.