بقلم: طارق محمد الفريح
تبجيل الرمز، خطاب الوعظ، ثمالة العقل، مصطلحات تشعر عند قراءتها بالرغبة في التقيؤ، يخيل لمن لا يفقه أعماقها أنها مختلفة المعنى والحركة والاستخدام، تبرز كل واحدة منها ببريقها الفالصو ولونها الشاحب لعشاق التبعية والخضوع والإيماءات التافهة، لكنها في حقيقة الأمر مترابطة حد الالتصاق، يجمعها الولاء والطاعة ولعق الحذاء للمصطلح الأم، ألا وهو الجهل الذي استمتع وما زال بحياته المزدهرة، فقد وجد كل سبل الراحة التي حتمت عليه الإنجاز، ذلك الإنجاز العظيم الذي دونته صفحات التاريخ الإنساني، وباتت تتفاخر به أمته الفاضلة، إنه بلا شك إنجاز التخلف ولا غيره، فصاحبه محمي بسواعد أبناء وحراس هذه الأمة، بل يصل الحال ببعضهم الى حد التضحية بالنفس، فالجهل يحتاج لقرابين من البشر بين حين وآخر، لأنه بطبيعته لا يستطيع أن يشرب غير الدماء، ولا يأكل غير الجثث، ولا ينام على شيء غير الجماجم، صحيح أن وصف نظامه يشعرك ببشاعة وحزن وخوف.
وقد تتساءل بنفسك كيف لشعبه أن يكون مقتنعا وسعيدا بحياته السوداء، كيف لشعبه أن يعيش وهو يشم رائحة الموت في كل حين، كيف لشعبه أن ينام والليل والنهار متساويان، كيف لشعبه أن يركن في مكانه بلا حراك ينتظر فتات الأمم الأخرى، كيف لشعبه أن يصم آذانه عن الصوت الجميل، وكيف لشعبه أن يفقع أعين أبنائه كي لا يروا شيئا سوى الظلام؟! لكن يجب أن تفهم أن الأسئلة توجه لك منهم بالمثل، فهم أيضا يتساءلون عن جرأتك وعدم خوفك من الخروج عن المألوف، كيف لك أن تكون سعيدا بهذا التفرد وهذه الوحدة كما يزعمون، كيف تستمتع بأنغام الموسيقى والطيور، كيف تمتع ناظريك بألوان الطبيعة وجمالها، كيف تنام ليلا بكل طمأنينة وتستيقظ نهارا بكل حيوية وتعمل لأجل دنياك وكأنك مخلد، كيف تعمل لآخرتك تزامنا مع ما سبق دون إخلال بأحدهما، كيف استطعت عصيان أوامر ملك الجهل بشجاعة، وكيف أثنيت سيوف أولئك الوعاظ الذين هاجموك بأمر منه؟!
وأشعر بأنه لزاما علي أن أجيبهم بالنيابة عنك، وإجابتي عليهم ستكون بعدة أسئلة وهي: لماذا خلقكم الله وأسكنكم كوكب الأرض بكل ما يحويه من مقدرات؟ لماذا أنعم عليكم بالعقل القادر على الابتكار والإبداع؟ لماذا أنعم عليكم بالقلب والمشاعر والأحاسيس؟ لماذا أنعم على كل واحد منكم بموهبة مختلفة عن الآخر؟ لماذا أنعم عليكم بالحرية والاستقلالية والفردية حتى في مسألة الإيمان به؟ أعتقد أن الإجابة عن كل هذه التساؤلات تكمن في كل شيء حولنا، وأن نستفتي قلوبنا وضمائرنا، فنحن مخلوقون ومفطورون على أشياء لا تحتاج لتعليم أو بحث، وما نحتاجه في الحقيقة هو شيء واحد فقط، أن نحرر الإنسان المسجون بداخلنا!
[email protected]
@tareq_al_freah