بقلم: سالم إبراهيم السبيعي
تعلمنا أن هناك عنصرا خاملا، وآخر يساعد على الاشتعال، وعنصرا سريع الاشتعال، ولكل منها طريقة في التعامل معه، أصعبها الأخير.
في مقالي السابق ذكرت أن شعب مصر «شديد الحساسية»، فحين تمس كرامة العرب أو أمة الإسلام، تجد مصر أول من يستشعر وأول من يشتعل ويرد، وهذا ينطبق على شؤونه الداخلية، فتمنيت على قيادته أن تستشعر هذه الخاصية وتعمل على تخفيفها من خلال مشروعات شعبية واستثمارية لا يعرقلها روتين الحكومة والقوانين المعقربة.
شعب مصر الآن «ينفخ في الزبادي، لأنه اتلسع من الشوربة» مع انه شعب صبور، لكن تجربته السابقة صورت له أن الصبر ضعف وخنوع فأصبح شديد الحساسية من كلمة الصبر، لذلك اصبح يخاف من الحبل خشية أن يكون ثعبانا، تمنيت أن تهتم القيادة هناك بحساسية المصريين وخوفهم من تكرار الماضي، لقد أصبحت عيونهم وآذانهم وجميع حواسهم في حالة استنفار وطوارئ ترصد القيادة وتحركاتها وما يسفر عنها، لقد زرعت الثورة في عقول المصريين ساعة ومنبها، فالشوط الأول قارب على الانتهاء دون تسجيل أهداف للحكومة، بل ترى غالبية الشعب أن الأهداف دخلت في مرماهم (القطع المبرمج للكهرباء، وهو من سمات العهد الجديد، كذلك غلاء الوقود والتراخي الأمني والإداري وانفلات النظام في الشارع) كان الشعب يطمح الى ان يقفز إلى الأمام، أو على الأقل «محلك سر» ليحتسب الوقت الضائع، لكنه شعر بالتراجع، فاحذروا سرعة اشتعاله وما يخلفه من تراجع أكثر وخسائر اكبر.
أتمنى أن تبدأ القيادة بمشاريع سريعة الإنجاز ظاهره للعيان، والا تبخل بالمال على تلك المشاريع لتطفئ غضب الشارع، فخسارة المال تهون ألف مرة عن خسارة الأرواح (وهي أم المشاكل الآن في محاكمات مصر).
إن شعب مصر لديه من الخبرة الكثير، ففي عهد عبدالناصر (18 عاما) كان له مع الإخوان قصة عنوانها الشهيد «سيد قطب».
كذلك كان لعهد السادات (11 عاما) مع الإخوان والأصوليين قصة عنوانها الشهيد «الرئيس السادات».
أما عهد مبارك (18+11= 29 عاما) فله قصة مع الإخوان والأصوليين عنوانها «قانون الخلع»، فكان أول رئيس مخلوع، وأول رئيس من الإخوان، وأول ثورة شعبية لم تكن مفاجئة، بل كانت لها مقدمات وكرت أصفر «حركة كفاية» وغيرها، مثلما ظهرت الآن «تمرد». إن التعامل مع شعب مصر لا يكون حسب النظريات الأكاديمية الغربية، بل حسب النظريات الشعبية «أسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أستعجب»، فيجب مقارنة الفعل بالقول.
[email protected]