بقلم الفريق أول أحمد الرجيب
تصاريف القدر في شهر 6 عجيبة، وغريبة في ذات الوقت، العجيب فيها أن في هذا الشهر سجل التاريخ علامات صنعت تاريخ الكويت الماضي والحاضر، وأقصد هنا استقلال الكويت في 19/6/1962، والذي انتقلت بعده الكويت من الإمارة الى الدولة، دولة الدستور والمؤسسات الدستورية، والديموقراطية، وفي يوم 16 /6 ولد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وألبسه المولى عز وجل ثوب الصحة والعافية، الأب القائد، ربان السفينة التي يقودها الى بر الأمان بصبر الرجال وبحكمة الحكماء، برغم الأنواء والعواصف السياسية الداخلية والخارجية.
والغريب في تلك التصاريف انه في الشهر نفسه يصدر حكم تاريخي من المحكمة الدستورية في يوم 16/6/2013، حكم سيفتح وبلا أدنى شك صفحة جديدة في مسيرة حاضر الكويت ومستقبلها، لأن هذا الحكم سيضع وإلى حد كبير للتوترات والتجاذبات والصراعات السياسية التي أنهكت الوطن، وأخرت مسيرته زمنا طويلا، وكيف لا وهو الذي جاء أي حكم المحكمة الدستورية، مدويا صادحا بالحق، مؤكدا وبشجاعة ومن دون مواربة، على سيادة القانون نصا وروحا، واضعا المصلحة العليا للوطن ولا غير الوطن نصب عينيه، جاء هذا الحكم ليقول وبكل وضوح أنني انحاز الى الكويت، وطن الجميع.
ولقد تمنيت في مقالي السابق، ألا يشعر أي كان بخيبة أمل أو إحباط، فليس هناك منتصر أو مهزوم جراء هذا الحكم، لأن الكويت هي المنتصرة.
ومن يريد أن يعمل من اجل الكويت وأهلها، فها هي صفحة جديده فتحتها تصاريف القدر، والمطلوب هنا ان نصفي النيات، ونغتنم هذه الفرصة التي تهيأت لكل مخلص، فلتتوحد الجهود، وتتعاضد السواعد، لصنع مستقبل الكويت، وطن الأجداد، حاضر الأبناء، ومستقبل الأحفاد، الكويت التي أتعبها صخب السياسة، الكويت التي طال انتظارها وانتظار أبنائها أن يخفت ذلك الصخب، وان تبرد أجواؤه، وان يتفرغ الجميع للعمل الجاد المنتج، وفي ظني أن ذلك لن يتحقق بالتمنيات وحسن النوايا وعفا الله عما سلف، لن يتحقق ما يتمناه كل مواطن مخلص إلا بمجلس أمة يتفرغ للتشريع الذي ينفع المواطن وليس لمجموعة مواطنين، ويتفرغ للرقابة الجادة والمسؤولة والبعيدة عن تصفية الحسابات الشخصية، وبحكومة قوامها وزراء أكفاء، يتم اختيارهم بعيدا عن المحاصصة، ذلك الأسلوب الذي لم يوصلنا إلا الى الفشل الحكومي المتكرر، وزراء يتحملون المسؤولية ولا يخشون في الحق لومة لائم، حكومة تحاسب نفسها قبل أن يحاسبها مجلس الأمة، حكومة تقود ولا تقاد، حكومة تنصب ميزان العدل بين جميع المواطنين، وتعمل على توفير أسس الرفاه لهم.
في الختام، أجد لزاما عليّ ان أقف اجلالا واحتراما لقضائنا الكويتي النزيه الشامخ، ولرجاله الذين يثبتون يوما بعد يوم أنهم رجال من معدن وطني أصيل، لم يعيروا يوما اهتماما للترهيب أو للضجيج الإعلامي، أو للأصوات العالية، كان همهم التأكيد على سيادة القانون الذي هو صمام الأمان والدرع الحصينة لاستقرار الوطن وضمانة لأمنه وأمانه.