بيروت ـ عمر حبنجر
ليس اكثر من لبنان انحشارا في زاوية القمم العربية المتزاحمة، والصواريخ الجنوبية، المعروفة الهدف والمجهولة المصدر. على ان مسألة الصواريخ تبقى أقل احراجا من موضوع القمة في ضوء الاجماع اللبناني على رفضها او التشكيك في جدواها، وغياب اي دعم او تصفيق لها من قبل اي طرف لبناني او عربي، في حين ان الصراع العربي على القمم، يهدد باخراج لبنان عن وسطيته المعتمدة بين الأشقاء، وبالزامه الانخراط في سياسة المحاور العربية رغما عنه.
وكانت قوى 14 آذار تحفظت على قبول مجلس الوزراء، حضور الرئيس ميشال سليمان قمة الدوحة، انطلاقا من قناعتها بأن مصلحة لبنان العليا، تكمن في عدم الابتعاد عن الخط السعودي ـ المصري في هذه المرحلة.
وقد سارع وزير الاعلام طارق متري الى القول ان مجلس الوزراء لم يبحث في موضوع القمة بالتفصيل، وان الرئيس سليمان الذي أكد على المشاركة فيها يتكلم باسم لبنان، وان أحدا من الوزراء لم يعترض على موقفه.
متري اوضح ان حضور لبنان لقمة الدوحة، التي قد تطيح بها القمة الطارئة لمجلس التعاون الخليجي، انما ارتبط بتأمين نصاب الثلثين واذا تأمن هذا النصاب ولم تحضر المملكة ومصر، فسيحضر لبنان ويعمل على رأب الصدع العربي.
وقال الوزير متري ان مجرد الحضور ليس هو القضية بل القضية هي الموقف، مشيرا الى انه اذا بدا ان هدف القمة تعميق الانقسام فلن يشارك لبنان.
وزير الدولة خالد قباني، اكد ان موقف لبنان واضح من القمة العربية وان مجلس الوزراء اتخذ موقفا صريحا وهو الحفاظ على التضامن العربي. واكد دعمه لقمة عربية يجمع عليها العرب.
وقال في تصريح له امس اذا قدر للدعوة التي قدمتها لقمة عربية ان تحصل على النصاب المنصوص عليه فلبنان سيحضر، متمنيا عدم حصول اي قمة لا تحظى بالاجماع العربي، مفضلا ان يلتئم اجماع عربي على عقد هذه القمة في الكويت، قبيل انعقاد القمة الاقتصادية هناك، وبذلك نخرج من هذه الأزمة التي قد تطيح بالتوافق العربي اذا عقدت قمة في قطر، خارج الاجماع الذي يتطلب انعقاد القمة الاستثنائية.
وعن تجدد اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، قال الوزير قباني ان هذا مضر بالقضيتين اللبنانية والفلسطينية، ومن شأن اسرائيل استغلاله وتوظيفه لمصلحتها على مستوى الرأي العام العالمي تحت ذريعة الدفاع عن النفس، بوجه جهات ارهابية، مؤكدا ان الحكومة اللبنانية ملتزمة بالقرار 1701.
بدوره رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط قال بعد استقباله نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين: لسنا بحاجة الى صواريخ تطلق لخرق التضامن العربي، ووجه التحية الى الفصائل الفلسطينية التي تقاتل اسرائيل في غزة. وأكد جنبلاط على ان التوطين لن يحصل ابدا وان فلسطين ستعود.
اما رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع فقد وصف اطلاق الصواريخ من الجنوب بالجريمة، والفاعل بالجبان، لكنه أكد أنه في حال قررت اسرائيل اتخاذ هذه الصواريخ ذريعة للاعتداء على لبنان فسنكون بكل قواتنا وراء الحكومة اللبنانية للدفاع عن لبنان.
من جهته عضو 14 آذار النائب السابق كميل زيادة، اعتبر امس ان لبنان تجاوز مسألة توريطه في حرب مع اسرائيل بيد انه حذر من استمرار الخطر الاسرائيلي حال تكرار الصواريخ من الجنوب.
واشاد زيادة بوحدة موقف رئيس الجمهورية والحكومة من هذا الوضع، وكذلك موقف السلطة الفلسطينية، اذ ان الكل متفق على الا يكون الجنوب منصة لاطلاق الصواريخ.
وعن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات قال: الكل يعرف مصدر هذا السلاح ومن أين يأتي.
وعن القمة العربية الاستثنائية قال: لا يمكننا الذهاب الى قمة عربية فيها انقسام.
مصادر 14 آذار تعترف بحراجة موقف الرئيس سليمان وتقدر هذا الموقف، ويقول مصدر في الأمانة العامة لهذه القوى لـ «الأنباء»: هو لا يستطيع ان يعارض انعقاد قمة في الدوحة او غيرها، لكنه مستعد لحضور اي قمة تحظى برضا عربي عام، وتسمح له بالسعي للتوفيق بين الدول العربية المتباعدة.
الرئيس سليمان يصل الى الكويت الأحد، وقد علمت «الأنباء» انه مدد اقامته في الكويت الى يوم الأربعاء، اي بعد يوم من انتهاء اعمال القمة الاقتصادية، كي يتسنى له عقد قمة ثنائية مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، ومن ثم يقفل عائدا الى بيروت.
وكان الرئيس سليمان التقى وفدا من الحزب التقدمي الاشتراكي نقل اليه رسالة من رئيس الحزب وليد جنبلاط يتمنى فيها عليه الا يشارك لبنان في قمة عربية تزيد من الشرخ العربي وتسيء الى العلاقات اللبنانية مع مصر والسعودية.