أنام ملء جفوني عن شواردها، ويسهر الخلق جراها ويختصمُ،
من هذا البيت الرائع للشاعر المتنبي اخترنا عنوان هذه الصفحة وهي (شوارد)
أي نوادر اللغة وغرائبها. أردنا بذلك أن نجعل اسم هذه الصفحة بعنوانها الواسع لنسلط الضوء على الشعر والشعراء بمختلف انتماءاتهم وأطيافهم وبجميع أنواعه وبحوره، هنا نسعى وراء الكلمة والفكرة بعيدا عن أي شيء آخر نبحث عن الكيف لا الكم، نغوص في بحور الأدب والإبداع بجميع مراحله (الماضي - الحاضر - الرؤية المستقبلية). نستنشق رحيق الأدب من محابر المبدعين والرائدين من شعراء وأدباء ونقاد لكي نرى الإبداع بكل تجرد بعيدا عن العاطفة والانتماء.
إعداد: محمد عبيد المجول
[email protected]
شاعر الكويت عبدالله الفرج
هو شاعر الكويت عبدالله بن محمد بن فرج بن سليمان بن طوق الدوسري،
شاعر موهوب (1836 ـ 1901 م) ولد بالكويت،
وفي بداية حياته سافر إلى الهند طلبا للعلم فأجاد بإتقان اللغة الهندية كأحد أبنائها وتعلم هناك فنون الموسيقى والعزف على العود والكمان، كان عبدالله الفرج رحمه الله ثريا ميسور الحال وقد كان سخيا لا يهمه المال كريما إلى أبعد الحدود، ويروي راو ثقة عن أحد الذين عايشوه، كان عبدالله الفرج يمشي في شوارع الكويت وبيده كيس مملوء بالمال لا يعرف هو نفسه كم فيه، وصادف أن قابلته بنفس الشارع إحدى الفرق النسائية للغناء ولما رأته الفرقة غنت له فرمى على نساء الفرقة الكيس بما يحويه ولم يكن يعطي هذا العطاء إلا الأمراء، ويقول الرواة ان عبدالله الفرج مات ميتة الفقراء سنة 1901م في الكويت.
أما شاعريته: فقد كان رحمه الله ينظم في بداية حياته الشعر الفصيح ثم تحول إلى نظم الشعر النبطي وحاول أن يجعل له أوزانا وقواعد استقاها من أوزان الشعر العربي الفصيح ولم يحالفه النجاح فالشعر النبطي ميزته البساطة، إلا أنه أدخل على الشعر النبطي كثيرا من تعابير البلاغة والبديع لتأثره بالأدب العربي الفصيح.
كان ديوان الفرج أقدم ديوان صدر بالشعر النبطي فقد طبع في (مومباي ـ الهند) سنة 1919م وقد لاقى رواحا بذلك الوقت فأعاد خالد بن محمد الفرح طباعته في (دمشق) سنة 1373هـ أي 1953م بمطبعة الترقي وأعيدت طباعة الكتاب عدة مرات.
برع الشاعر عبدالله الفرج في الغزل وله قصائد مطولات غاية في الإجادة وروعة بالتصوير.
كما كان شاعرنا بارعا بالغزل، فقد كان بارعا بكل معنى يطرقه بقصائده ولعله يكاد يكون الوحيد الذي تعرض لجميع أغراض الشعر النبطي بشعره حتى الهجاء، وهذه الأبيات من قصيده للشاعر يهجو بها عجوزا فيقول:
يا ناس من يقلع مدى الكذابة
وأطلب عسا ما يستلاذ إلا به
من يلعن الشيطان وأخته يوجر
ويفوز عند الرب يوم حسابه
بلوى تبلتني عجوز غبرا
نمامة فتانة سبابه
مدري تظن إلها حلال عندي
وإلا لها شرط علي وأتعابه
ملعونة جازت عليها اللعنة
حيث إنها كالعقرب اللسابه
أما عن تمكنه فقد الزم عبدالله الفرج نفسه بلزوم ما لا يلزم في أكثر من قصيده تراه يبحث عن الغريب النادر كالقصيدة المهملة الحروف (أي ان حروفها بدون نقط) ورغم ذلك نجدها قوية المعنى كقوله من قصيدة له زهيرية مهملة يقول:
الحاء حلو اللما للحال سله راح
حكمه دعا الصاح لما صاح عادم راح
حور المها حور لولا حسام سله راح
حلو اللما حامله والحور أهل الملح
حلوا وللصاح ما حلو الملاح الملح
حر والمولع وعاطوه الصدود الملح
حاله وهو حال مطروح حساله راح
وقوله من قصيده خائية بالقافيتين وفي مطلع صدر كل بيت يبدأ بالخاء أيضا وفي بداية البيت يلزم الخاء وموضوع القصيدة وغرضها الهجاء، استمع إليه وهو يقول:
خيرهم اللي تمدحه ينصب أفخاخ
خدايع تدميك من غير تشميخ
خداش بأنيابه وبالظفر شماخ
خماش لوجيه الأصاحيب كالذيخ
خويهم يسقونه المر بأوساخ
خملاتهم ويدوخ من غير تدويخ
خاو الفهود وخل صحبات الأرخاخ
خزان ما نقدر على الضد وتشيخ
وتنسب إليه زهيريات كثيره ومنها هذه الزهيرية:
فارقت بدر فلا مثله يلوح بدار
وامسى حزين القلب كن صابغينه بدار
ظليت اباري ظعنهم والمسير بدار
الجسم عندي وروحي عندهم تبري
وسيوف اهل الهوى بمفاصلي تبري
ما ظن جرحي يطيب او علتي تبري
حنا مقيمين وانتو كل يوم بدار
كما كان الشاعر عبدالله الفرج يطلق على نفسه اسم محيي الهوى في مواضع عديدة من قصائده منها:
قال محيي الهوى ظبي سباني
آه عزاه للروح العليلة
ويح من هو من الهجران فاني
وإن نعا الورق طنب في عويله
وقوله:
قال محيي الهوى للسهارى
من خشوف مداهلها الاظله
بار فيهن عنود ما يبارى
حيث جوره يعت اللي يتله
من شعره
يا علي وأن نابك من أمر النوى شي
عنز على مولى السحاب النواشي
فإن كان ماتقوى الغرا عن ظبا الحي
بع بالهفا نفسك بسوق المواشي
واقرأ ايضاً:
إبحار
شاردة
تغريدة