لا يوجد شيء في هذا الكون ليس له أصل أو بداية مهما كان هذا الشيء ولكن هناك من لا يريد إظهاره لسبب ما أو أنهم فعلا لا يعرفونه بسبب مرور سنوات على بدايته أو أنهم يريدون نسيانه بشتى الطرق.
رقصة «الدحة» هي أحد الفنون التي تختص بها قبيلة عنزة وتاريخها قديم وقبل الإسلام ولو أردت شرح كيف بدأت الدحة فانني احتاج لمقال منفرد ولكنني سأوضح طريقة أدائها المميزة والتي لا يعرف كثير من الناس قواعدها لأنها تعتمد على الجينات الوراثية التي تجمع من يؤدونها بالطريقة الصحيحة فهي ليست سهلة كما يظنون لأنها أصعب من الكيمياء.
لقد أخذت تلك الرقصة من بيئتها كما أخذت جميع الرقصات الشعبية في العالم من البيئة التي تعيش فيها فالرقصات التي نشاهدها في أميركا الجنوبية استنبطت من طيور النسور فتجدهم يرقصون وقد وضعوا الريش على رؤوسهم أو ربطوه على أيديهم.
الأصوات غير المفهومة والتي تصاحب رقصة الدحة مطابقة لهدير الجمال التي كانت هي أغلى ما يملكون ولفرط حبهم لها فانهم يقلدون أصواتها وحين تجدهم متلاصقين ويتزاحمون فيما بينهم بالكتوف وهي تهتز ويصدرون ذلك الصوت الذي عجز «غوغل» عن كتابته فانني أنصح بعدم الدخول بينهم لخطورتهم خصوصا في حال دخول الحاشي أمامهم.
يعتقد البعض أن الدحة هي مجرد إصدار ذلك الهدير ولكن الشيء الممتع بتلك الدحة هو القصائد التي يقولها أحدهم وترددها الصفوف من بعده بنغم جميل يقولون فيه «هلا هلابه يا هلا... لا يا حليفي يا ولد» وهو النغم الذي يسمى لدى القبيلة بسيمفونية عنزة الخالدة.
وعن نفسي فان آخر مشاركة لي في سيمفونية حقيقية كانت قبل أكثر من 15 سنة في حفل زفاف الأخ العزيز الشيخ عبدالله أورنس الشعلان في مدينة الرياض حين كانت الصفوف بمئات الرجال وفي ذلك اليوم لم يستطيعوا إحضار من تلعب دور الحاشي لأسباب اجتماعية ولكنهم اكتفوا بأن يحضروا مئات الخراف وعشرات الحواشي ليقدموها للضيوف لأكلها وليس للعب معها.
أدام الله عادتنا التي تحض على تراص الصفوف ولا دام من يريد تفريقنا ليخدم مصالحه الخاصة.
[email protected]