منذ أيام وأثناء حواري مع أحد الزملاء المتشائمين من المد التحرري الذي يكتسح العالم وحالة الانفلات التي يعشها شباب اليوم بفضل وسائل الإعلام المختلفة والمتعددة قال لي إنه يشعر بأن الموجة المستقبلية الآتية إلينا أبينا أم رفضنا هي ستكون للفوضى الأخلاقية والبعد عن الدين وتعاليمه واعتناق كل ما هو جديد يحلل ما حرمه الله ويحرم ما أحله الله.
وأمام حديثه معي شعرت بالخوف والرهبة وأخذت أفكر إذن ما الحل من أجل القضاء على المد التحرري السلبي الذي بدأ بالفعل باكتساح وطننا العربي بل واكتساح العالم ككل وبعد تفكير عميق رأيت أننا بحاجة ماسة إلى احتياجات كثيرة تخرجنا من هذا المأزق شعرت بأننا في حاجة ماسة إلى حلم إعلامي متميز ينقد نفسه قبل نقد الآخرين وإلى من يعلم ويتعلم... رأيت أننا في أمس الحاجة إلى من هم يتناولون الحديث البناء وينفعل معه ويحلله قبل أن ينشره يراعي آثاره السلبية على الآخرين قبل أن يسعى إلى السبق أو إلى الكسب المادي ورأيت أننا في حاجة إلى مسؤول أمني يفند الجريمة ودافعها وينشر مسبباتها ووسائل الوقاية منها بدلا من الإثارة في سرد الوقائع الذي نخشى معه تقليد أسلوب راويها.
رأيت أننا نحتاج إلى أقلام تتعب في البحث عن الحقيقة وتخوض بشجاعة في عمق مشكلاتنا الاجتماعية ووضع الحلول لها بدلا من اثارة المشاعر بالنقد الهدام ورأيت أيضا أنني في حاجة إلى من يعالج سلبيات مجتمعنا قبل الانتخابات ورأيت أننا نحتاج إلى نواب يستجوبون المسؤولين من أجل إظهار حقيقة خافية وليس من أجل ثارات أو منافع أو دوافع حزبية.
رأيت أيضا أننا نحتاج إلى أن نذكر أنفسنا بأن عاداتنا وتقاليدنا في أصولها مبنية على آداب الدين الحنيف.
ورأيت أننا في حاجة إلى أن يعرف كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة ما له من حقوق وما عليه من واجبات وفهم معنى الحرية الصحيحة وليس فهمها بمعنى آخر وكأننا نتباهى بالحرية تحت سقف ديموقراطية الوطن بالتناحر والتباغض.
ورأيت أننا نحتاج إلى دعوة بعضنا بعض من أجل العمل الجاد لإنجاح مهرجاناتنا الوطنية الثقافية والعلم من أجل تحقيق هذا النجاح لابد أن تتعاون فيه كل شرائح الوطن لو تمكنا من إنجاح هذا فإننا سنتمكن من التصدي لكل محاولات التأثير في عقل الإنسان العربي وتخريبه وتحطيم معنوياته أو في تمجيد الفرد وفرض الإرهاب الفكري عليه لأنني أؤمن بأن ديننا الإسلامي الحنيف أوصانا بأن نثبت مهما وضعت أمامنا العراقيل والعقبات وحتى لو اكتسحت الفوضى الشارع العام فلابد أن نستمر أمام هذا التغلغل غير الشرعي عن طريق الشوارع الفرعية والداخلية حتى نقوى ومن ثم نصل إلى الشارع العام لنمسح كل ما علق به من شوائب ونسير في المقدمة بثبات أكثر والمجادلة بالتي هي أحسن لا بالعنف والإقناع باستخدام السلاح.
لو نجحت في ذلك فهذا يعني أننا مقبلون على عصر سياسي مميز وثقافي يزخر بكل ما هو جديد في عالم الفكر والفن والعلم، وسنتمكن أيضا بمشيئة الله من القضاء على الفوضى الأخلاقية والانفلات بكل أنواعه.