الأم عصب الأسرة وركيزة نجاحها وأساس استقرارها، فهي مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، وتقديرا لجهود الأم وعطاءاتها تقدم الشيخة فريحة الأحمد سنويا جائزة للأم المثالية وللأسرة المتميزة، والأم الفائزة اختيرت بعناية ضمن مجموعة كبيرة من الأمهات، واختيرت لتمتعها بجميع المعايير المطلوبة المتمثلة في تحقيقها النجاح والتوازن على الصعيدين الأسري والمجتمعي وأهمها العناية بالأخلاق الكريمة. معنى تكريم الأم هو ترسيخ للمعاني النبيلة وإحياء للنماذج الوطنية، لأن الأم هي التي تحافظ على ترابط أسرتها وتعزيز العلاقات فيما بينهم، والأم الصالحة هي التي تعلم أبناءها من خبراتها لأن الأسرة الناجحة مبنية على قدرة الأم والأب في تحديد الأهداف وتحقيق قدر عال من التعاون والتوافق فكرا وعطاء، فبجانب الأم يسير الأب يدا بيد.
مسؤولية إعداد الأم تقع على عاتق الأسرة ثم المدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية وغيرها، ومكانة الأم لم ولن تتغير في كل الأزمنة والأمكنة.. الأم المثالية وصف عام ولقب جميل لكل أم وفقت بين عاطفتها وعملها فحققت وهي مستمتعة إنجازات أسعدت أسرتها وأفادت مجتمعها فهي أم يقتدى بها وهي قيمة مضافة للواقع الاجتماعي تزيد من رصيد القيم وتمنع المجتمع من التفكك.
الأم المثالية هي التي تسير على استراتيجيات يمكن ان تتبعها في حياتها الأسرية والمجتمعية منها اختيار الوظيفة المناسبة لها ولأسرتها، وهي التي تنظم الوقت للتنسيق بين الواجبات الأسرية والمهام الوظيفية. الأم المثالية هي التي تعمل على توازن متطلبات العمل الوظيفي ورسالتها الأسرية، توزع مهام أسرتها بحكمة وحسن الإدارة بين أفراد الأسرة في إطار العدالة مع مراعاة الميول والمقاصد التربوية قدر المستطاع.
الأم هي التي تقوم بحمل جميع الأعباء وهي التي تدرك ان متطلبات الحياة المادية كثيرة وقد تطغى على معيشتنا فنغفل عن حاجاتنا النفسية وأعلاها الحب وكلمات المودة وتبادل مشاعر الرحمة والإعجاب بين الزوجين.
الحب وردة تذبل إذا لم نجد ماء المودة، والمودة تتطلب الرفق والإخلاص والتسامح والوفاء كي نحقق الانتماء الصادق للنسيج الأسري. الوالدان كل منهما يكمل الآخر أعين أفراد الأسرة تلاحظهما على نحو دقيق، والابتعاد عن اتخاذ القرارات المصيرية ساعة الغضب الشديد فإن التريث والتمهل والتحاور والتشاور أساس الفلاح وسر الحياة السعيدة وإذا قام الزوجان بالتسامح فإن الأبناء سيكونون على شاكلتهم فيسامح بعضهم بعضا ومن يزرع الخير فسيناله لا محالة في ذريته.
الأم المثالية هي التي تعرف كيف تتعامل مع الأبناء وفق الإيمان بالفروق الفردية، فلكل طفل طبيعته واحتياجاته وطموحاته وتنمية الوعي التربوي بصورة مستمرة وذلك عبر القراءة الواعية والمشاركة في الدورات الثقافية وتبادل الخبرات الجديدة ومشاهدة البرامج الإعلامية المتخصصة في الشؤون الأسرية.
الأسرة السعيدة هي الأسرة التي توفر أجواء التعلم والتعليم من أجل الاستمتاع بلذة العلم لأن جميع ملذات الدنيا ومتعها قد تضعف يوما إلا متعة العلم، فالنور لا غناء عنه وعندما يمارس الزوج والزوجة والأبناء دور العالم والمتعلم تتوافر الفرص للاستزادة العلمية والروحية والفكرية، هذا ما يزيد ويقوي العلاقات بين أفراد الأسرة، ورغم اننا في زمن العولمة والكمبيوتر وعصر السرعة، ورغم ما طرأ علينا من تغيير إلا ان مكانة الأم لم ولن تتغير لأننا نؤمن بذلك منذ الأزل وديننا الحنيف يدعونا الى الإحسان للأبوين وأوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بالأم خير وصية.
إن التقدم والتكنولوجيا جعلانا نهتم بموضوع الأم أكثر وذلك من خلال البحث والتواصل بين الأفراد والمؤسسات والدول في التعبير والمشاركة بمواضيع تخص الأم.. لا شك ان سلوكيات جديدة من عقوق الوالدين ظهرت بصورة مخيفة وهي ضريبة استخدام الحرية بطريقة خاطئة وتدل على ضعف الوازع الديني. إن التحولات الهائلة التي تحدث حولنا تشير الى ظواهر سلبية متنامية تهدد مكانة الأم ومكانة الأخلاق ومكانة القيم.
لكن ورغم كل ذلك ما زالت المرأة تقوم بدور متنام في خدمة التنمية الوطنية وهذا يتطلب أن تشارك في صياغة ومناقشة واقتراح القوانين والمشاريع التي تتعلق بحياتها كأم وبنت وزوجة وموظفة وربة بيت ومواطنة، وبالأمس راهن البعض على ان خروج المرأة للعمل فيه هدم للأسرة فأثبتت المرأة بحمد الله عكس ذلك ونجحت في الموازنة بين الأمرين معا ورغم المصاعب التي تصادفها حالفها التوفيق في إثراء الأسرة بثقافتها وخبراتها وإسهاماتها.
[email protected]