هل تهب الشعوب العربية على القيادات المتلاعبة بمصيرها؟ وهل ستأتي قيادة جديدة تؤمن حقا بحق شعوبها صاحبة المأساة الكبرى في القرن الحاضر؟ هل يفيد صراخهم ووعودهم وتهديداتهم؟ وهل من يقومون بالعمليات الارهابية سيجنون الثمار؟ وهل تفيد الخطب الرنانة والوعود الزائفة؟ انا لا أتوقع الخلاص، وسنظل عبيدا لمن هم اقوى منا، وستظل الامة العربية المقهورة تتفرج على قوة وجبروت الغير الذي يهددهم دون ان تكون لديهم قوة رادعة لعنجهية وجبروت الآخرين.
القضية هي قضية عربية ـ عربية مادام العرب مختلفين ومنشقين على انفسهم من جراء التضامن بين بعضهم وتقف الدول العظمى متفرجة منتظرة لحظة الانهيار الكامل وهي على يقين من انهم سيعودون اذلاء يلثمون عتبات المفاوضات ويستجدون كيانا عربيا مهما بلغ ضعفه وهشاشته.
فعلا اننا نعيش مأساة عربية اسلامية، لأن القادة او من بيده الامر يعيشون على المزايدات واللعب على الاحبال السياسية وهمهم الأكبر انفسهم ومصالحهم دون النظر الى مصلحة شعوبهم.
عيب علينا حقا ما نعيشه هذه الايام، ولا اعتقد ان الأمة العربية قد بقيت فيها الحياة، ورغم ما نراه من صراخ وعويل والهتافات التي نسمعها من حشود المتظاهرين فإن كل ردود الفعل هذه لا تتعدى كونها ردود افعال وقتية، يا ترى كم مقالا كتب وكم بيانا اصدرته المؤسسات والجمعيات الانسانية؟ وكم مظاهرة خرجت تندد وتستنكر ما وصلنا اليه؟
كلها ردود فعل وتنفيس من شعب مقهور مغلوب على أمره، لا حول لهم ولا قوة، وهذه الافعال ما هي الا غضب عارم سرعان ما ينسى في ظل انشغال الناس بشؤونهم بعد ان يغلقوا شاشات التلفزيون التي نقلت للعالم صورة اشلاء الشهداء المتناثرة والجرحى المتألمين ومعاناة الاطفال الذين لا ذنب لهم.
لا يوجد في العالم العربي اليوم من هو قادر على ردع ما حدث ويحدث نحو لفت انتباه العالم الى عدم انسانية ضرب المدنيين بالصواريخ والقنابل وضرب الاطفال بهذه الوحشية والتي لم يسبق لها في التاريخ ان تكررت وحتى الساعة ما زالت مستمرة تحت سمع ونظر العالم كله.. الأمة العربية ما زالت متفككة لا تقدر على فعل شيء سوى اصدار البيانات وتحريك المظاهرات، وهي تحركات غير ذات جدوى في عالم التحالفات والمصالح، ما يجري في مصر وسورية ولبنان يمزق القلب، وفيه منتهى الاذلال، ويظهر بواطن العجز والشلل الذي اصابنا.
ولا اتوقع ان تنتهي المجازر ان استمر الشعب غير موحد بسبب قيادات متصارعة هم بلا شك سبب مباشر في قتل الابرياء.
ونحن في اضعف حالاتنا تجاه اهلنا المنكوبين ولا نسمع الا التنديد ولا نشاهد الا المظاهرات، ما يؤلمنا ويمزق قلوبنا ان نرى اهالينا في سورية ومصر ولبنان وغيرها من الدول العربية، نرى شلالات الدم التي تسقي الارض، ونحن لا حول لنا ولا قوة غير الشجب والاستنكار وادانة هذه الجرائم الوحشية البشعة.. تشردت الآلاف من الاسر والآلاف من الشهداء والجرحى بما يفوق ما ذكرته وسائل الاعلام، ونحن العرب في البلدان الاخرى نتظاهر وتعلو اصواتنا بالتنديد والوعيد، وبعدها يذهب كل منا من حيث اتى للحديث عن المظاهرة ومتابعة آخر الاخبار.
ان كلا من الشعب السوري والمصري واللبناني وقعوا بين فكي اللعبة السياسية التي افترستهم مضمونا وشكلا دون هوادة حتى تمزق الجسد الواحد وتفرقت اشلاؤه كحال الحركات السياسية، اننا بحاجة ماسة الى ان نصارح انفسنا قبل كل شيء، الى متى ونحن نعيش حالة الهزيمة مع انفسنا وكأننا غير قادرين على ان ندافع عن قضايانا، فإما نعيش بعزة او نموت بكرامة بدلا من ان نعيش تحت رحمة الارهاب والحركات والتكتلات السياسية والتفرقة فيما بيننا وقتل كرامتنا، فهل الشعوب المنكوبة ستتغلب على القيادات المتلاعبة بمصيرهم وتأتي بقيادة تؤمن حقا بحق الشعب؟
كان الله في عون اهلنا في سورية ولبنان ومصر، ودعائي الى الله ان يتمكنوا من التغلب على انفسهم، وان غدا لناظره قريب.
[email protected]