قلما نجد شخصا قانعا بمعيشته، حيث ان الكثيرين يسعون للهروب من واقعهم عبر أشكال وطرق مختلفة، منها السلبي كتعاطي المخدرات، ومنها الإيجابي كممارسة الرياضة بغية الحمية وتغيير واقع الجسد المخنوق بأرطال الشحوم.كما نرصد «الهروب من النقاش» الذي يجيده السياسيون وقت الضيق، وهناك هروب ملازم للحماقة يدعى «الهروب إلى الأمام» فعوضا عن فضيلة التراجع عن الخطأ يبالغ الأحمق وتأخذه العزة بالإثم.
>>>
قيل إن الإنسان حيوان ناطق أو عاقل، والصحيح ان الإنسان حيوان فار وهارب. فللهروب فضل على البشرية التي مارست الفرار منذ الأزل عبر هجرات متكررة نشرت الحضارات في أصقاع الكوكب. وكان لفرار العلماء اليهود من هتلر فضل على تقدم علوم كثيرة. أما الكاتب الروسي تولستوي فقد حاول الهروب من زوجته مرارا، حتى أنه فعلها بعد أن تجاوز الثمانين عاما وكانت المحاولة الأخيرة بعد أن توفي في طريق الهروب!
>>>
في مجلة العربي عدد سبتمبر، كتب الناقد المصري محمد حنفي مقالا بعنوان «هيتشكوك.. الإنسان بوصفه طريدة» ذكر فيه «ان هذا المخرج الإنجليزي يؤمن بأن المهمة الأساسية للإنسان على الأرض تنحصر في الهروب» وأضاف حنفي أن «فيلم «الطيور» هو العمل الذي تتحقق فيه بشكل مثالي رؤية هيتشكوك عن الإنسان بوصفه طريدة».
>>>
المفارقة في الفيلم أن الطيور التي هاجمت البشر ليست من النسور أو العقبان أو سواها من الجوارح الكواسر، بل هي طيور عادية مسالمة كالعصافير والغربان والنوارس. ويعتبر المسلسل التلفزيوني «هارب من الأيام» صفحة مضيئة في تاريخ الدراما المصرية، وأختم بقول تعرفه العرب جيدا «الهروب نصف المرجلة»!
www.salahsayer.com
salah_sayer@