ما يجري في صحراء العراق والشام أمور غريبة قيل عنها الكثير، كذلك ما يسمى بالدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) قيل عنها ما هو أغرب وأعجب، فقد قالوا عنهم انهم مسلمون «سنة» ونراهم يقتلون السنة ويدمرون ديارهم، قيل عنهم «شيعة» لكننا نراهم يفجرون السيارات المفخخة في الأسواق لتقتل الشيعة وكل ما هو حي، قيل عنهم انهم من مخلفات جيش صدام لكن اعمارهم تكذب ذلك، وقيل عنهم الكثير لكن اقرب التوقعات إنهم صناعة دول عظمى وغير عظمى، وجدوا أن هناك شبابا خفاف العقول، يسهل التغرير بهم وتلويث ادمغتهم، وبكلمة يسلمون زمام امرهم للشيطان فينقلبوا الى قنابل بشرية (انتحاريين) يصعب اكتشافهم، فيبحثون عن مواقع يفجرون أنفسهم بها ويزهقون ارواحا بريئة معتقدين انهم يحسنون صنعا.
التعرف عليهم مشكلة، وملاحقتهم مشكلة صعبة، ومنعهم من تنفيذ اجرامهم أصعب.
وفي إحدى الليالي الشتوية جلس قادة دول عظمى حول نار المدفأة المشتعلة من أخشاب الشجر، ولهيب نارها يتراقص ويتلون من الأزرق الى الأحمر والأصفر ولاحظوا أن ذلك يغري الحشرات فيجذبها لتأتي طائعة باختيارها الى حتفها وكأنها مصيدة للحشرات، من تلك الملاحظة قامت تلك الدول بخلق مدفأة كبيرة لهؤلاء المهووسين بالموت قريبة من أوطانهم وأهلهم، بعيدا عن الغرب فاختاروا لهم بادية الشام والعراق فأشعلوا فيها النار لتكون ذلك الملعب المقدس (الهوليكوست) لهؤلاء المغرر بهم ليحترقوا قبل ان يفكروا بمواقع بعيدة، نجح هؤلاء القادة بفكرتهم وتساقط الشباب كما تتساقط الحشرات على النار، فزاد الماكرون النار حطبا.. يلقونه بطائراتهم التي تدعي محاربة داعش، بل يزودون الدواعش بالمعلومات الاستخبارية والأوامر (الكر والفر) حتى تدوم النار اشتعالا لتحرق الأخضر واليابس والحجر والبشر.
أما اليوم فان ما نراه يذكرني بالمثل المصري (تجي تصيده يصيدك) أو بالمثل اللبناني(لا تلعب بالنار تحرق اصابيعك) أو بالمثل الكويتي (بغيناها طرب صارت نشب).
نعم خلال سنوات مضت احترقت أبدان، وأزهقت ارواح، ودمرت بلدان وهاجرت أقوام، والقادة إياهم يتسلون ويعبثون بأوطاننا.
ولكن اليوم انقلب السحر على الساحر فهذه النار جرّت رجل احدى تلك الدول العظمى وستجر الثانية والثالثة وسنرى تلك النار التي أشعلوها وزادوها حطبا ستكوي اصابعهم وسيكونون حطبا لها، وما جرى بأفغانستان ليس ببعيد، فشرارها تطاير في كل الاتجاهات، وكذلك هذه النار شرارها سيصل لبلدان من يده تعبث بجمرها.. معتقدا أنه بعيد عنها، إن النار لا صاحب لها ولا تعز من أشعلها.
قال عز من قائل: «ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله».
اللهم احفظ بلاد العرب من شرور الاشرار وكيد الفجار ممن كانوا عبدة الشمس والنار.
[email protected]