حسين الشمري
بحضور حشد كبير من جمهور الشعر وحضور متميز لأبناء الجاليات العربية المقيمة في دولة الامارات العربية المتحدة، بثت ثالثة حلقات المرحلة الثانية من برنامج أمير الشعراء مساء الخميس الماضي مباشرة عبر تلفزيون ابوظبي، واذاعة امارات (أف ام).
وقد شهدت الحلقة تميزا في مستوى نصوص الشعراء شكلا ومضمونا، ما أشعل التنافس بين الشعراء على جودة القاء قصائدهم التي تناولت مواضيع مختلفة في الحب والحنين والغربة وحب الوطن، مع اختلاف واضح في الحبكة الشعرية والاسلوب الخاص بكل شاعر من الشعراء المتسابقين.
وخلالها تم الاعلان في الحلقة عن تأهل الشاعر العراقي بسام صالح بعد ان حصل على اعلى درجات لجنة التحكيم، كما شهدت الحلقة تأهل الشاعر محمد السودي (اليمن) من الحلقة الماضية ليتأهل بالتالي الى الحلقة ما قبل الاخيرة من البرنامج، وتميزت الحلقة بتنوع موضوعات المتسابقين الخمسة وهم: بسام صالح مهدي (العراق)، تركي عبدالغني (الاردن)، صفوان قديسات (الاردن)، حسن القرني (السعودية)، ونجاة الحجري (عمان).
وكان اول متسابقي الحلقة الشاعر بسام صالح الذي ألقى قصيدة قال فيها د.أحمد خريس: مما لا شك فيه ان هذه القصيدة من القصائد التي تعجب القارئ والسامع، وقد أضفت مؤثرات كثيرة أنقذت القصيدة من تلك الرؤية التي اعتدنا ان نسمعها من الشعراء.
فيما رأى الشاعر نايف الرشدان ان النص غاية في الجمال ويعمل على ايصال الرسالة دون تعرجات، وعنوانه يشي بتموجات الليل وتزاحم عوالمه، كما ينطوي النص على مجموعة من القيم الانسانية التي تمثل الهم الانساني العام، بينما اعتبر د.صلاح فضل ان مدينة الليل عنوان القصيدة يذكره بمفردات الليل التي استحضرها الشعراء العرب طويلا في مسيرة الشعر العربي، فهكذا هو قلب الشاعر بعد خراب البصرة وبغداد، مشيرا الى ان صور الشاعر في نصه صور لا معقولة ولكنها مدهشة وجميلة، وان روح الشاعر لا تفصح عن الهم الذي يشاجرها بشدة.
المتسابق الثاني تركي حسين عبدالغني ألقى نصا بعنوان «الروح أوسع من حدود وعائها» رأى د.علي بن تميم ان هذا العنوان يقرر حقيقة مضمون النص بما يحمله من شاعرية، وان استعمل الشاعر عبارات وتراكيب لغوية مكررة ومتناولة، اما د.عبدالملك مرتاض، فأشار الى ان هنات لغوية جعلت النص فاقدا للشاعرية المكتملة، بينما خالفه الرأي د.احمد خريس الذي قال «انك اشعر مقتدر، ولديك بعض الصور الشعرية الجميلة».
المتسابق الثالث حسن القرني ألقى قصيدته «بكفي ظل» أشاد بها الاستاذ نايف الرشدان الذي قال ان لدى الشاعر مضامين جمالية تحرض القارئ والمتلقي على استكشاف المزيد من الرؤى، مشيرا الى ان الشاعر يملك مخيلة فنية قادرة على التعبير الجميل والبوح، ورأى د.صلاح فضل ان الغزل كان ولايزال من الموضوعات الشيقة جدا في تاريخ الشعر العربي، آخذا على الشاعر اللعب التقليدي بالمفردات كما في مطلع القصيدة الذي لا يشف برأيه عن تجربة محققة، بينما اشار د.علي بن تميم الى تمكن الشاعر من وزن بحر المجتث، وفي ذلك كثافة للموسيقى وانسيابية للمعاني بعيدا عن الاسى في التجربة الشعرية.
وقرأ المتسابق صفوان قديسات قصيدته «اغتراب» التي قال فيها د.عبدالملك مرتاض: كان على الشاعر ان يميز بين الغربة والاغتراب، وان استطاع ان يبرز شعريته عبر جزالة اللغة ورصانة الايقاع. واضاف د.احمد خريس: ان الشاعر يولد ولا يصنع، وعلى المتسابق ان يتعلم من اخطائه وألا يكررها، وان يبتعد عن الكلمات المدرسية وان يأتي بما هو جديد في نصه الشعري. اما الشاعر نايف الرشدان فقد رأى ان النص تراوح بين النظمية والشعرية.
وألقت المتسابقة نجاة الحجري قصيدة بعنوان «يوسف آخر» رأى د.صلاح فضل انها تقدم معادلة صعبة عبر التوظيف العقلاني المركب، ويبرز ذلك في المطلع النادر والختام القرآني، وبينهما فوح الشعر الذي لا يتوهج الا في الاحتدام. واعتبر د.علي بن تميم ان القصيدة انساقت عبر اتجاهات سياسية، كان تسعى الشاعرة من خلالها الى بناء معمار شعري جديد لكن بحجارة قديمة، واشاد د.عبدالملك مرتاض بجمالية النص وجدته وحداثته.
وبعد ذلك قام الشعراء بكتابة نصوص المجاراة لقصيدة الشاعر أبي فراس الحمداني وبخاصة الابيات:
- أقول وقد ناحت بقربي حمامة
- أيا جارتا لو تعلمين بحالي
- أيا جارتا من أنصف الدهر بيننا
- تعالي أقاسمك الهموم، تعالي
- معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى
- ولا خطرت منك الهموم ببالي
وقال د.احمد خريس ان الشعراء خاطبوا حمامة أبي فراس الحمداني وتوسعوا في النص ومجاراته، وكأن القصيدة أفلتت في بعض مواضع الوصف، اما الشاعر نايف الرشدان فقد رأى ان في مجاراة الشعراء انصاتا لصوت الزمن ورغبة في الانعتاق منه، وان اخذ على بعض الشعراء المتسابقين هروبهم من الهم الذاتي الى الفرح والامل في قصائد مجاراتهم، واشار د.صلاح فضل ان الشعراء تميزوا بتنمية جميلة للنص واضافة بعض التفاؤل والفرح بسلاسة ومرونة أبرزت شاعريتهم وتمكنهم، وأشاد د.علي بن تميم بثقة الشعراء بأنفسهم وقدرتهم على الالقاء الجيد والمجارات الارتجالية لقصائد كبار الشعراء، بينما ألمح د.عبدالملك مرتاض الى ان الشعراء تحولوا في معظمهم من فكرة الاسر الى الانعتاق والانطلاق وكأن تجاربهم من صميم الحياة الحاضرة لا التجربة المستعادة من الشاعر أبي فراس الحمداني.
وقد حل الفنان المتميز نور مهنا، والشاعر منصف المزغني ضيفين على الحلقة، اذ غنى الفنان نور مهنا اغنية طربية اصيلة من كلمات قصيدة للشاعر د.مانع سعيد العتيبة، وقرأ الشاعر التونسي منصف المزغني مجموعة من قصائده القصيدة التي تجاوب معها الجمهور بالتصفيق الحار.
وستشهد الحلقة المقبلة ما قبل الاخيرة من حلقات البرنامج لقاء لجنة التحكيم بالشعراء حسن بعيتي (سورية)، حكمت حسن جمعة (سورية)، بسام صالح مهدي (العراق)، محمد السودي (اليمن)، وليد الصراف (العراق).
وفي نهاية الحلقة استعرض د.علي بن تميم معايير المشاركة في الحلقة المقبلة ما قبل الاخيرة، حيث اكد ان النص المطلوب من الشعراء يجب ان يلتزم وزن بحر الطويل بقافية اللام المضمومة، وان يكون موضوعه في وصف قلعة الجاهلي في العين كمعلم اثري تاريخي يبرز الدور الرائد للمغفور له الشيخ زايد بن خليفة المعروف بزايد الاول أو زايد الكبير الذي أمر ببنائه في العقيد الاخير من القرن التاسع عشر.
كما تم الاعلان عن نيل الشاعر بسام صالح اعلى درجات لجنة التحكيم 47% بينما توزعت الدرجات الباقية على الشعراء: تركي عبدالغني 36%، صفوان قديسات 32%، حسن القرني 38%، نجاة الحجري 38%.
صفحة الواحة في ملف ( pdf )