محمد راتب
الخيام وتجهيزاتها قد يكون لها دور في نشوب الحرائق، و«البوفيه» وإدخاله في عقر الخيمة مع ما يلحقه من سخانات و«شعالات» ومواقد الغاز قد تغير الكثير من مجريات التحقيق، رغم ما طالعتنا به الجهات الأمنية من وجود المشتبه بها في تدبير الجريمة.
«الأنباء» توقفت عند هذه النقطة تحديدا، وفتحت ملف الخيام وتجهيزاتها، واستشفت آراء أصحاب مكاتب الأفراح وتجهيزات قاعات المناسبات، وذلك من خلال هذا التحقيق، فإلى التفاصيل:
في البداية، يؤكد مدير عام مركز السفير الذهبي للأفراح والمناسبات خالد العصيمي، ان الكثير من أهل الكويت مازالوا يعتبرون نصب الخيام جزءا من التراث الكويتي القديم، لذا، فإنهم يفضلون عقد مناسباتهم في الخيمة بدلا من الصالة، ولاسيما أنها كانت قريبة من البيت والمحبين، وتسهيلا على المدعوين والجيران، كما أن البعض لا يحصل على حجز في الصالات خصوصا في محافظة مثل الجهراء، والتي تعاني من نقص في عدد صالات الأفراح بالنسبة لعدد السكان، وكذلك ضيق الشوارع، حيث إن تجمهر الناس في مكان الحريق أثر سلبا بشكل كبير جدا، وأعاق الدفاع المدني عن مهمتهم وأربكهم وأخر سيارات الإطفاء.
ولفت العصيمي إلى أن الصالة التي شب فيها الحريق بتاريخ 25 فبراير لم يكن لها إلا مدخل واحد متاح، وهذا خطأ نظرا لأن الصالة كانت مكتظة بالحضور، وفي نفس الوقت، طلب الزبون من المكتب أن يضيفوا له مدرجات وكراسي في الصالة، وهذا ما سبب الازدحام، لذا، لابد من وجود مداخل ومخارج طوارئ للصالة.
اشتراطات أمان
وطالب العصيمي بأن تكون هناك إجراءات رقابية من قبل البلدية والدفاع المدني، وأن تضع اشتراطات أمان على صالات الأفراح والخيام، لكي لا نرى مثل هذه الحوادث، فأمهاتنا اليوم لا يعرفن كيف يهربن من مكان الحوادث ولا يُحسنّ التصرف، وبالتالي، لابد من تأمين تلك الأماكن، موضحا أن الحريق قد يحدث في أي مكان سواء في خيمة أو صالة أفراح أو غيرهما، وهو شيء وارد يوميا، فالأمر لا يتوقف على خيمة، لاسيما إذا كان الحريق الأخير ناتجا عن فعل فاعل.
وأكد العصيمي أن على البلدية أن تضع مفتشا يقر بسلامة الخيمة قبل دعوة الناس لها، وهذا أمر لا نعارضه بل نؤيده بشدة، فنحن نريد تأمين أرواح الناس، والدفاع المدني أهل اختصاص ولهم نظرة في متطلبات السلامة في الخيام وفي صالات الأفراح.
وقال: إن هذا الحريق علم أهل الكويت دروسا كثيرة، على رأسها ضرورة تأمين المكان الذي تقام فيه المناسبة، وأن يكون هناك عنصر أمن أو أكثر لمراقبة موقع الخيمة أو الفرح ومتابعة الحوادث الطارئة، وإعطاء إيعاز قبل تفاقم الكارثة، خصوصا أنه في الحالة الأخيرة كان التجمع نسائيا، ومن المعروف أن السيدات ضعيفات ويصبن بالارتباك ولا يعرفن كيف يتصرفن.
واستطرد بأن إدخال سخانات الطعام للخيمة كما هو في الحادثة الأخيرة ينافي إجراءات السلامة والأمان، حيث إن وقوع جزء بسيط من فتيل الغازات على الأرض قد يؤدي لحرق الخيمة بأكملها، وقد يأتي طفل ويشعل منديلا ورقيا فالطفل لا يدرك ما يفعله، وفي هذه الحالة، لابد من وجود شروط أساسية صارمة بالتعاون بين مكتب تجهيز الخيام والزبون والبلدية والدفاع المدني، وبعد ذلك الباقي على الله.
متطلبات السلامة
وعن متطلبات السلامة ذكر العصيمي أن متطلبات السلامة الأساسية في مثل الخيام المعدة خصيصا للأفراح والمناسبات، تتمثل في اختيار موقع الخيمة ووضعيتها في الشارع، فلابد من ألا تتسبب في إغلاق الطريق وإيذاء الجيران، كون ذلك لا يفسح المجال لسيارات الإسعاف حال حدوث أي حادث، كما أن على أصحاب الفرح أن يكونوا حريصين على سلامة المكان من التعرض للحريق أو لكهرباء مكشوفة، ففي حال تركيب الخيمة بساحة أو حديقة لابد من تسوير المكان.
وعن تضارب الأقوال في تسبب الكهرباء في الحريق، يؤكد أن الكهرباء المكشوفة تسبب الخطر وكذلك «الوايرات» التي تمر في وسط الخيمة، كما أن قرب الخيمة من أبراج الضغط العالي الكهربائية يسبب الخطر أيضا، وكذلك التدخين، وتحميل الكهرباء فوق طاقتها، لذا، لابد من اختيار الفني الكهربائي المناسب.
واوضح أن فكرة الخيام تتطلب مسؤولية أصحاب الفرح، فدعوة 500 شخص مثلا إلى خيمة أو حتى صالة غير مجهزة إلا لعدد 200 شخص تؤدي إلى تداعيات خطيرة، وتنافي الأمن والسلامة، لاسيما مع وجود السجاد والأثاث.
كما أنه لابد من إخطار جهات الدفاع المدني والبلدية بموقع الفرح أو المناسبة، لتكون هذه الجهات على علم، وبالتالي، تسعى إلى تأمين الموقع ومحيطه، ويكون لديها الجاهزية لأي حادث لا سمح الله.
ويقول العصيمي: إن من الخطأ وضع اللوم على أحد سواء البلدية أو الدفاع المدني أو الجهات الأمنية، فالحادث قضاء الله وقدره، والمفترض أن يتخذ الإنسان إجراءات الحيطة والسلامة قدر الإمكان، لافتا إلى أن البلدية ومنذ وقت قريب لا تسمح بوضع خيمة في الساحات إلا بترخيص ودفع رسوم، وهذا أمر ممتاز، كونه يساعد الجهات الأمنية على معرفة مكان الفرح.
ترخيص بعض الخيام
من جانبه، طالب حسن الشمري، مدير مكتب جدة للأفراح وتجهيز الخيام بوجود تعاون من قبل البلدية بعدم السماح لأي شخص لا يملك ترخيصا بنصب الخيام، لأن هذا سيجعله غير مسؤول، والبعض من هؤلاء يعملون من منزلهم، ولو حدثت مصيبة ما، يهربون ولا أحد يعلم عنهم شيئا.
وأكد أن وجود طفايات الحريق في الخيمة، وعدم انكشاف الكهرباء على أرضية الخيمة يعتبر من أهم متطلبات السلامة، لافتا إلى أنه لابد من وجود موظف يتابع تجهيزات الخيمة.
لكنه قال: إنه كمدير مكتب تجهيز خيام لا يضع طفايات الحريق في الخيمة فهي ليست مسؤوليتهم، وإنما مسؤولية صاحب الفرح، كما يفضل أن تكون خارج الخيمة لا داخلها، وكذلك لابد أيضا أن يكون مكان الخيمة مناسبا، وبعيدا عن أبراج الكهرباء والضغط العالي وألا يضايق الآخرين من الجيران والمارة في الطرقات، وقال: نحن في الغالب نقيم الخيام في الصحراء، والخيمة الواحدة لها أكثر من باب، ولكن البعض يغلق الأبواب حرصا على برودة التكييف، وهذا ما أدى في حريق الجهراء إلى أن التجمع على باب واحد.
واوضح أن البلدية تشترط ترخيصا لوضع خيمة، ولكنها مع ذلك لا تعطي الترخيص لأحد، وبالتالي، فإن المكاتب تقيم الخيمة دون ترخيص، وقال: إن البلدية مقصرة في هذا الشأن، فالترخيص يوفر تأمين موقع الفرح بشروط السلامة والأمان، سواء من حيث المداخل وغيرها، كما أن شروط السلامة يجب أن تنطبق أيضا على الصالات ففيها السجاد والكراسي والفرش، وهي مكان مغلق.
وعارض مدير مكتب عبدالله اليوسف للأفراح عبدالله اليوسف، إقامة الأفراح والمناسبات في الخيام، وذلك لتوافر صالات أفراح مجهزة لذلك، وقال: إن الخيام عادات وتقاليد كانت في الستينيات من القرن المنصرم، حيث لم تكن تتوافر في تلك الفترة صالات الأفراح، أما الآن فهناك صالات وفيها مرشات إطفاء وتتوفر فيها سبل الأمن والمداخل والمخارج، والصالة التي احترقت في 25 فبراير الماضي لها 4 مداخل طوارئ، والخطأ كان بسبب الديكورات والكوشة والكراسي التي سدت المداخل الأخرى كي تتسع الصالة للعدد الكبير.