هل تبكي السماء؟ وهل تبكي الأرض؟ وعلى من يبكون؟ ولم يبكون؟ وعلام يبكون؟ وما كيفية وماهية بكائهم؟ وهل هذا تشبيه او مجاز او واقع؟ وهل ينظر إلى بكاء السماء بالأمطار والى بكاء الارض بمواقع سجود المسلم عليها عندما ترتفع روحه الى بارئها؟
ايا كان الجواب فإن تنزيل الله تعالى لهذه الآية في سورة الدخان «فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين» عقبت ذكر غلو وعلو آل فرعون واستعلائهم على هدى سيدنا موسى وسيدنا هارون- عليهما السلام- استكبارا وبعد غرقهم في اليم وبعد ان تركوا جنات وعيونا وزروعا ومقاما كريما ونعمة يتبخترون فيها.
وبكاء السماء والأرض. كما ذكر سيد قطب- رحمه الله- في تفسيره «في ظلال القرآن» بأنه يلقي ظلال الهوان وظلال الجفاء، فهؤلاء الطغاة المتعالون لم يشعر بهم احد في ارض ولا سماء، ولم يأسف عليهم احد في ارض ولا سماء، وذهبوا دحورا هالكين بعد ان تجبروا في الارض وطغوا على العباد وافسدوا الخلق؟ ذهبوا غير مأسوف عليهم، فالكون يمقتهم لانفصالهم عنه، وهم، ولعمري، أرواح خبيثة شريرة منبوذة من هذا الوجود.
وردت قصة آل فرعون وسيدنا موسى عليه السلام في مواضيع عديدة في القرآن المجيد، ونحن لا ريب نؤمن بها ونستيقن بأحداثها وان لم نعشها.
ولكن لقد عاش وشاهد العديد منا طغاة جفاة ظلمة مستبدين، ليسوا ببعيدين عن نمط آل فرعون، ان لم يفوقوهم في التنكيل بالعباد.
ومن ابرز هؤلاء الطغاة صدام حسين ومعمر القذافي وحاليا بشار الاسد ووالده من قبل ومن يعينه من دول واحزاب ونظم ارهابية متعددة.
دعنا نتساءل ورب العباد شهيد علينا، فمنهم من مات جيفة كموت الجبناء ومنهم من سيلاقي ذات الحتف قريبا بزلزال من الله، فهل تبكي عليهم السماء والارض؟ وهل سيذكرهم احدا بالخير؟ وماذا سيكون مصيرهم؟ ان شاء الله تعالى، الى الدركات السفلى من جهنهم.
وقياسا على ذلك، ليعي كل من يريد دمار بلاده قولا او عملا او بالاضرابات او بالسحت وسرقة اموال البلاد، ومن يسخط ويذل العباد، ومن يهين هذا ومن يحقر ذاك، ومن يناصر الباطل على الحق، ومن يؤازر الظالمين الطغاة، ومن ومن.. على كل هؤلاء ومن تشبه بهم - ان كان بقي لهم عقل يتدبرون به - ان يدركوا انهم على الله وعلى الوجود كله.
وليتيقنوا تمام اليقين بأنهم عاشوا وسيعيشون في الكون منبوذين منه، مقطوعين من رحمة الله دنيا وآخرة، لا تربطهم بالمولى قيد أصرة بقطع الخالق عنهم آصرة الايمان، فإنهم عاشوا وماتوا من المسرفين وسيغدون ويمسون - الاحياء منهم والغابرون - في هوان المستجبرين المتغالبين المسرفين والغلاة في البطر وإهلاك الحرث والنسل.
[email protected]