أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير حول أسواق النفط وتطورات الميزانية إلى أن أسعار النفط عادت وانخفضت مجددا في شهر سبتمبر، بعد ارتفاعها في أغسطس إلى أعلى مستوى لها منذ الأزمة. وتراجع سعر برميل الخام الكويتي إلى 62.8 دولارا في 28 سبتمبر، منخفضا نحو 10 دولارات عن المستوى الأعلى الذي سجله في منتصف أغسطس، ويبرر بعض المحللين التراجع الأخير كتصحيح مؤقت في مسيرة الارتفاع، والذي ربما يكون ناجما عن عملية تفريغ مفاجئة لحمولات سفن النفط، إذ عمدت هذه السفن إلى تأخير تسليم شحناتها للاستفادة من أسعار النفط المرتفعة للعقود الآجلة.
لكن في الوقت نفسه، أوضح «الوطني» أن عوامل أكثر ارتباطا بالسوق قد تكون لعبت دورا في تراجع أسعار النفط خلال سبتمبر. فبداية، تتزايد الشكوك تدريجيا حول تباطؤ وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي، وبالتالي تعافي الطلب على النفط، والذي قد يكون ناجما عن احتمال انتهاء مفعول الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السلطات في العام الماضي لتحفيز الاقتصاد. وثانيا، بدت تصريحات أعضاء أوپيك، عقب اجتماعهم في منتصف سبتمبر، أقل حدة عما كانت عليه في السابق، ما يعد مؤشرا محتملا على أن أوپيك باتت مستعدة لأن تقبل بتداول سعر برميل النفط دون المستوى الذي تراه عادلا (75 دولارا)، على الأقل في المدى القريب. وأخيرا، مازال مستوى مخزونات عدد من الخامات مرتفعا، ما من شأنه أن يولد ضغطا على أسعار النفط.
كما أشار «الوطني» إلى أن أسعار الخامات المرجعية الأخرى، ومن بينها مزيجا برنت وغرب تكساس، شهدت انخفاضا في سبتمبر تراوح بين 8 و10 دولارات للبرميل من مستوياتها المرتفعة في أغسطس، لتستقر بحدود 65 – 66 دولارا. وعلى الرغم من هذا التراجع، كان سبتمبر رابع شهر على التوالي يستقر فيه متوسط سعر مزيج غرب تكساس بين 65 دولارا و70 دولارا للبرميل، ليشهد أحد أكثر الفترات استقرارا خلال السنوات الثلاث الماضية. ومن الجدير ذكره أيضا أن متوسط الفارق بين الأسعار الفورية لمزيج غرب تكساس وأسعار العقود للخام الخفيف تسليم ديسمبر 2012، تقلص في سبتمبر إلى ما دون 10 دولارات للبرميل، وذلك للمرة الأولى منذ عام. وهذا لن يؤدي فقط إلى تحفيز منتجي النفط على تصريف مخزوناتهم وخفض مستوياتها، بل أيضا يشكل مؤشرا إضافيا على أن جوا من التوازن بات يخيم على السوق.
من جهة ثانية، رأى «الوطني» أن تحسن النشاط الاقتصادي دفع بوكالة الطاقة الدولية إلى رفع الطلب العالمي المتوقع على النفط للعام الحالي بشكل ملحوظ. إذ تتوقع الوكالة حاليا أن ينكمش الطلب بنحو 1.9 مليون برميل يوميا، أي بما نسبته 2.2%، ما يمثل تراجعا أقل بنحو 0.5 مليون برميل يوميا عما كانت تتوقعه في أغسطس الماضي. ويعزى هذا التحسن في الطلب المتوقع إلى صدور بيانات تعكس واقعا أفضل حتى الآن مما كان متوقعا، أكثر منه تغيرا في توقعات الوكالة بالنسبة للمستقبل. وباتت توقعات وكالة الطاقة الدولية، التي لطالما كانت الأكثر تشاؤما، أقرب حاليا إلى توقعات المنظمات الأخرى مثل أوپيك ومركز دراسات الطاقة الدولية التي تتوقع أن يتراجع الطلب على النفط هذا العام بمقدار 1.6 إلى 1.7 مليون برميل يوميا. إلا أن الفارق في مستويات الطلب المتوقع للعام المقبل مازال قائما. فبينما تتوقع وكالة الطاقة الدولية انتعاشا قويا في الطلب بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا (1.5%)، تقوده أميركا الشمالية وآسيا، يتوقع آخرون ارتفاعا معتدلا يتراوح بين 0.5 و0.7 مليون برميل يوميا.
وأشار «الوطني» إلى أنه من المحتمل أن يكون تحسن الشعور فيما يتعلق بالطلب على النفط قد دفع بأوپيك لأن تكون أكثر مرونة بخصوص درجة تقيد أعضائها بمستويات الإنتاج المستهدفة. وتظهر البيانات الأخيرة أن إنتاج المنظمة باستثناء العراق بلغ 26.3 مليون برميل يوميا في أغسطس، مرتفعا 123 ألف برميل عن يوليو. ما يشير إلى أن الالتزام بخفض الانتاج بلغ 65% من إجمالي الخفض المستهدف والبالغ 4.2 ملايين برميل عن مستويات سبتمبر 2008، بينما بلغت نسبة الالتزام أعلى مستوياتها في مارس الماضي عند 79%. ومع احتساب العراق، يكون إنتاج أوپيك قد ارتفع منذ شهر مارس بمقدار 750 ألف برميل يوميا، أي بما نسبته 3%. وفيما يبدو أن تجاوز الإنتاج لمستواه المستهدف لم يعد على رأس أولويات أوپيك في الوقت الراهن، إلا أن ذلك قد يتغير، لاسيما في حال حافظ الإنتاج من خارج أوپيك على مساره الصعودي. وقد يأتي أي خفض إضافي في إنتاج أوپيك على حساب الدول الملتزمة أصلا، ما قد يفاقم الانقسام القائم حاليا داخل المنظمة. وبشكل رسمي على الأقل، فإن أي تغير في إنتاج أوپيك لن يحصل قبل اجتماع المنظمة القادم في أنغولا في ديسمبر المقبل.
ومع تحسن آفاق نمو الاقتصاد العالمي، رأى «الوطني» أن احتمال ارتفاع الطلب على النفط على أساس ربع سنوي قد تعزز. لكن الارتفاع الموسمي لإنتاج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وانتاج الاتحاد السوفييتي السابق، إلى جانب ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي المسال من داخل أوپيك نفسها (والذي لا يخضع لنظام الحصص)، جميعها عوامل من شأنها أن تبدد أي دعم للأسعار في المدى القريب قد ينجم عن ارتفاع الطلب. وبالتالي، فإن أي تحرك في الأسعار من الآن وصاعدا من المرجح أن يحدث في العام المقبل، أكثر منه في العام الحالي. ومع افتراض أن يأتي تراجع الطلب للعام الحالي قريبا من المستوى الذي يتوقعه مركز دراسات الطاقة الدولية، والبالغ 1.7 مليون برميل يوميا، وبافتراض أن إنتاج أوپيك سيبقى قرب مستواه الحالي خلال الأشهر المقبلة، فمن المرجح أن تحافظ الأسعار على مستواها الحالي خلال الربع الأخير من العام الحالي والربع الأول من 2010. وبالتالي، قد يبلغ سعر برميل الخام الكويتي نحو 67 دولارا في الربع الأول من العام المقبل، أي ليس بعيدا عن مستواه الحالي. إلا أن الأسعار قد تتراجع مجددا مع تراجع الطلب المرتبط بموسم الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
لكن في حال جاء التعافي الاقتصادي أقوى من المتوقع- ما قد ينجم عنه ارتفاع الطلب بمقدار مليون برميل يوميا في 2010- فذلك من شأنه أن يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى خلال العام المقبل. وفي ظل ارتفاع حجم الطاقة الإنتاجية الفائضة لأوپيك، فإن الأخيرة ستكون قادرة على رفع إنتاجها لتلبية الطلب. لكن في حال اختارت المنظمة أن تبقي إنتاجها من دون تغيير، أو ببساطة أن تأتي استجابتها متأخرة، فقد تتجاوز الأسعار سريعا مستوى 70 دولارا للبرميل وتواصل ارتفاعها خلال العام المقبل. وفي ظل هذا السيناريو، سيبلغ متوسط سعر برميل الخام الكويتي لكامل السنة المالية 2009/2010 نحو 66 دولارا.
وفي المقابل، أوضح «الوطني» أنه في حال جاء تعافي الاقتصاد العالمي على شكل w (أي شهد انكماشا جديدا)، وحتى لو نجم عن ذلك تباطؤ طفيف في نمو الطلب في عام 2010 إلى 0.5 مليون برميل يوميا، فقد تشهد الأسعار انخفاضا في العام المقبل. إلا أن هذا الانخفاض سيقابله من دون شك خفض في انتاج أوپيك بحلول منتصف العام. وفي هذه الحال، سيبلغ متوسط سعر برميل الخام الكويتي لكامل السنة المالية 2009/2010 نحو 65 دولارا، لكن سينحصر معظم التراجع في السنة المالية المقبلة.
وأخيرا، تفضي السيناريوهات المذكورة أعلاه إلى متوسط لسعر برميل الخام الكويتي يتراوح بين 65 دولارا و66 دولارا لكامل السنة المالية 2009/2010، وهو ما يتجاوز بشكل ملحوظ السعر المقدر في الميزانية والبالغ 35 دولارا. وبالتالي، فإن صافي الميزانية سيكون أفضل بكثير من العجز الذي تتوقعه الحكومة والبالغ 4 مليارات دينار. وفي الواقع، تشير البيانات الصادرة مؤخرا إلى أن الإيرادات الفعلية في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية شكلت ما نسبته 82% من إجمالي الإيرادات المقدرة في الميزانية للسنة المالية بأكملها. وفي حال جاءت المصروفات الفعلية أقل بنحو 5 إلى 10% من تلك المقدرة، فتوقع الوطني أن تحقق الميزانية فائضا يتراوح بين 4.4 مليارات دينار و5.7 مليارات دينار، وذلك قبل استقطاع 10% من إجمالي الإيرادات لصالح صندوق الأجيال القادمة. مع الإشارة إلى أن هذا الفائض، في حال تحقق، سيكون ثالث أكبر فائض تسجله الكويت في تاريخها.
.. ويوقّع عقد قرض مع «التسهيلات» بقيمة 30 مليون دينار
وقع بنك الكويت الوطني عقد قرض مع شركة التسهيلات التجارية بقيمة 30 مليون دينار لمدة 4 سنوات، ولذلك لتمويل عمليات الشركة.وفي هذا الاطار صرحت نائب الرئيس التنفيذي في بنك الكويت الوطني شيخة خالد البحر بأن هذا القرض يأتي ضمن الأهداف التوسعية والتنموية التي يتبناها البنك في دفع العجلة الاقتصادية الحالية، وذلك من خلال تمويل الشركات الكويتية الناجحة التي لها باع طويل في مجال التمويل ومن بينها شركة التسهيلات التجارية. وأضافت البحر أن هذا العقد يؤكد اهتمام وحرص البنك على دعم الشركات الكويتية المحلية ذات الأداء الرصين والمتميز، إلى جانب تعزيز الحركة الاقتصادية والتمويلية في البلاد.
ومن جانبه، صرح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة التسهيلات التجارية عبدالله الحميضي بأن الشركة تعتز بعلاقتها المتينة مع بنك الكويت الوطني وفخره بثقة البنك ليأتي هذا العقد، ويعزز هذه العلاقة والتي تعود إلى 33 عاما منذ تأسيس الشركة.
كما أوضح الحميضي أنه نتيجة للسياسة التي تنتهجها شركة التسهيلات والتي كان لها الأثر الإيجابي في ظل الأزمة المالية فإن استثمار مبلغ القرض سيكون لتعزيز عملياتها في سوق القروض الاستهلاكية. وتقدم الحميضي بالشكر لبنك الكويت الوطني ولإدارته الحكمية على ثقته المتجددة بشركة التسهيلات متمنيا دوام هذا التعاون لما فيه مصلحة الجميع.