لا شيء يبقى على ما هو عليه، لكون مرور الوقت كفيلا بتبديل الاحوال، فحتى المشاعر المتبادلة في المناسبات تحولت وتغيرت ولم تعد بذات الحرارة السابقة او على الاقل لم تعد بذات الطريقة على ابسط وصف، ففي السابق القريب كنا نذهب الى القريب او الصديق وننقل له التهاني بالمناسبات بشكل مباشر ونتلقى الشعور ايضا بشكل مباشر، فكانت المشاعر «لايف» لا حواجز بينها وبين بثها، ومع مرور الوقت وما صاحبه من تقدم تقني مرت مراحل نقل التهاني لعدة احوال فبعد ان دخلت الهواتف النقالة بداية التسعينيات تبدل اللقاء الى اتصال وما لبث ان تحول الى رسائل sms ويقال فيها كل ما تريد من تهان شريطة الا يفقد النص لكون الاحرف معدودة، ولم يقف التحول عند هذا الحد فمع دخول التطور في عام 2000 جادت التكنولوجيا بالمزيد من الوسائل ليحمل الـ «هوتميل» التهنئة ثم يواصل هذا التحول في نقل التهاني بعد ذروة وسائل التواصل لتنقل عبر رسالة جماعية في برنامج الـ «واتساب» او عبر تغريدة في «تويتر» للعموم او بطاقة في «الانستغرام» لمن يشاهدها او يقرؤها حتى لو لم نكن نعرفه او تربطنا به علاقة.
هكذا كنا في السابق وهكذا نحن حاليا، نهنئ انفسنا دون ان نعرف من نهنئ احيانا، ولا نعرف ايضا ان وصلت تهنئتنا ومشاعرنا للاخرين، فكل التعب يكون بإعادة الارسال في القروب او المجموعة.
وللامانة، لا انفي نفسي عن الدخول في هذا التحول رغم انني لازلت ابقي على رمق الاتصال الصوتي لبعض الاصدقاء الذين اما يعاجلني صوتهم صبيحة العيد او انني من اسابقهم في الاتصال، الا ان للقاء لذة «تعجز» ملايين رسائل الـ «واتساب» عن ان توصلها او تصل اليها ومنهم «الغاليين» على قلبي احمد العنزي وفايز الهاملي وجاسر المسند وبدر العمران وهم من اصدقاء الطفولة الذين يرفرف صوتهم كل عيد بي، وبهم ابقي على ذاك الرمق المفقود في تواصل العيد الذي كان، وان يكن من امر فان المشاعر حري بها ان تصل بالطريقة الاكثر صدقا لا ان تصل من اجل الوصول فقط، وفي النهاية كل عام وانتم بخير وعيدكم مبارك.
[email protected]