اختلفت مع صديق لي قبل فترة وجيزة حول مصداقية المثل الشائع «خروف سعيد أفضل من أسد حزين» وأثره في حياتنا اليومية، حيث كان يؤكد هذا الصديق أن الخروف أفضل بكثير من الأسد بسبب سعادته، وقلت له إن الأسد يبقى أسدا ولو كان حزينا.
ولكن مع معترك الحياة العملية والاجتماعية اكتشفت ان كلامه صحيح وقناعته بهذا المثل صائبة نوعا ما، ولكن الخروف سيظل خروفا.
وحاولت أن أتلاعب بهذا المثل ووصلت الى مثل ألطف وهو «نملة تأكل العسل أفضل من «بعير» أو جمل يأكل الشوك» وتساءلت مع نفسي ما السبب الذي جعلني أرفض مَثَل الخروف بشدة وألجأ إلى مَثَلٍ آخر، وما الشيء الذي استجد وغيّر وجهة نظري؟
ربما يعود ذلك إلى العديد من الأسباب، أولها أن الحياة العملية عندنا تنتهي عند الشخص بعد تقاعده، تغيّر عنده مفاهيم كثيرة، وأنا شخصيا خدمت 30 عاما في القطاع الحكومي، بدأتها كمعلم وتدرجت في المناصب، وأعتقد أن أحدا خدم هذه المدة في وزارة خدماتية سيعرف معنى وقيمة هذا المثل وأهميته، ويعرف من هو الأسد ومن هو الخروف، وبالتأكيد يعرف أن النملة على صغر حجمها فضلت العسل!
فالكثير من القياديين في مختلف وزارات الدولة وهيئاتها، ومع شديد الأسف وليس البعض يعتقدون أن القطاع الذي يخدمون به هو «ملكية خاصة»، وأن الشعارات التي يرفعها البعض منهم ليس لها اساس اي وجود، ولكن الواقع يقول ان المصلحة الشخصية هي التي تطغى على المصلحة العامة مع كل الأسف، وجميع الشعارات الرنانة التي كنا نسمعها هي مجرد «أكذوبة».
وطيلة سنوات خبرتي في الوزارة تشرفت أن عملت مع إخوة أعزاء وأفاضل كانت لهم بصمات واضحة في العملية التعليمية والتربوية، بل ويعتبرون مدرسة يتعلم منها الكل، وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر د.مساعد الهارون ود.رشيد الحمد ود.يوسف الإبراهيم، حيث كانت الوزارة في عهد هؤلاء الوزراء تعيش عصرا ذهبيا لن يتكرر، فقد كان لهم اثر كبير في نفسي، فقد تعلمت منهم معنى الإخلاص في العمل وكيفية التعامل الإنساني بين الزملاء.
وكذلك من الوكلاء وعلى رأسهم تماضر السديراوي ومريم الوتيد، والكثير من الإخوة والأخوات الذين فعلا لي كل الفخر بالعمل معهم طيلة هذه السنوات، وهناك الكثير والكثير من المخلصين الذين عملوا بشرف وإخلاص لخدمة هذا الوطن، ولا اريد ان اذكر الأسماء خوفا من نسيان احدهم.
وآخر كلام.. الحياة عبارة عن مسرحية، لها بداية ونهاية ونحن كبشر ابطالها وممثلوها، فلنحسن اداء ادوارنا ولنعمل بإخلاص، ولنأكل العسل كالنمل، أفضل من اكل الشوك، لتبقى لنا ذكريات طيبة في نفوس الآخرين، مع راحة ضمير وشعور بعدم التقصير سواء في واجباتنا او في تعاملنا مع الناس.
[email protected]