منذ تأسيس هيئة أسواق المال في عام 2010 وهي تسعى لتطوير السوق وإزالة اثار الازمة المالية، خصوصا بعد تحول سوق الكويت للأوراق المالية الى شركة بورصة الكويت، فلم يعد خفيا ان من الأهداف الرئيسية تصفية السوق، وكثر الحديث عن ظاهرة انسحاب الشركات، حيث انخفض عدد الشركات المدرجة بنسبة نحو 20%، لكن الظاهرة الحقيقية التي يجب التوقف عندها هي ظاهرة عدم الادراج.
فمنذ تأسيس الهيئة انسحبت اكثر من 50 شركة مقابل دخول 8 شركات فقط خلال آخر 7 سنوات، وتشمل قائمة الشركات المنسحبة بعض الشركات التشغيلية التي كان وجودها قيمة مضافة للسوق، فانخفض العدد الشركات من 217 الى 174 ومع إدراج شركة المتكاملة القابضة يصبح عدد الشركات المدرجة في بورصة الكويت بجميع اسواقه 175 شركة، صحيح بان عدد الشركات المنسحبة يبلغ اضعاف الشركات المدرجة، لكن القيمة السوقية كانت متقاربة بين مجموع المنسحبين والمدرجين، فالهيئة وإدارة البورصة كانت حريصة خلال تلك الفترة على جذب الشركات النوعية على الرغم من صعوبة المهمة، خصوصا عملية إقناع وجذب الشركات العائلية.
فنجاح اكتتاب شركة المتكاملة القابضة في ظل هذه الظروف يستحق الوقوف عنده، فهي تعتبر شركة تشغيلية من طراز يفتقده السوق، وهو الإدراج الأول منذ ادراج شركة ميزان في 2015 في سوق مازالت البنوك تمثل 45% من قيمته السوقية، والأول بعد التقسيم الجديد للبورصة في ظل ترقب ترقيتها لسوق ناشئ حسب مؤشر فوتسي، والتغطية العالية لطرحها والطلبات التي قاربت قيمتها من 150 مليون دينار تبرهن على رغبة المستثمرين لهذه النوع من الفرص، فهذا يقودنا للتساؤل لماذا تقوم الشركات بالإدراج والتضحية بالوقت والجهد، في ظل قوانين ولوائح التي يتطلب الالتزام بها تشكيل عدد كبير من اللجان والإجراءات التي تكلف كثير من الوقت والمال.
فلكي لا تقف عملية الادراج مرة أخرى لعدد آخر من السنوات، وليستمر جذب هذه النوعية الشركات يتطلب فهم الأسباب الدافعة لطرح أي شركة أسهمها في أسواق المال، التي يمكن تلخيصها بسببين رئيسيان وهما: التخارج من خلال بيع حصة او زيادة رأس المال، لكن في الحقيقة يصعب وجود هذه الاسباب في ظل السيطرة العائلية على الاقتصاد المحلي، حيث لا توجد رغبة في التخارج او حتى التنازل عن الإدارة، فمازالت العقلية بان الإدارة حق اصيل للمالك، ومما يزيد الأمر سوء وتعقيدا، أن اغلب الشركات التي تقودها مجاميع عائلية لا تواجهه مشاكل في توفير السيولة مقارنة بالشركات المدرجة، ففي أغلب الأحيان يكون الكيان العائلي أقوي من اسم الكثير من الشركات المدرجة، لذلك يلاحظ تاريخيا انحصار عمليات الادراج في السوق المحلي على عمليات التخارج وليس زيادة رأس المال.
يكمن الحل في تضامن الجهود وتوحد الرؤى من الجهات التشريعية والرقابية والتنفيذية، بتشجع عمليات التخارج وإدراج الشركات من خلال العمل على منح امتيازات للشركات المدرجة، مثل تخفيض القيم الإيجارية، وزيادة الدعومات بكافة أنواعها وحصر المناقصات الحكومية والنفطية على الشركات المدرجة، أو اجبار التجار أصحاب الوكالات العالمية على الادراج لزيادة الشفافية والرقابة، بالإضافة الى تحرير الاقتصاد الكويتي من خلال توفير فرص استثمارية حقيقية تشجع المستثمرين للتخارج من استثماراتهم الحالية الامنة، وغيرها من الوسائل التي يمكن العمل على تطويرها وبلورتها كي لا تؤدي لاضرار بباقي اركان الاقتصاد الكويتي متى ما أراد صاحب القرار ذلك.
الخلاصة يجب استغلال نجاح ادراج المتكاملة لإنهاء هذه الظاهرة السلبية بالعزوف عن الإدراج في بورصة الكويت، لتستمر عملية الإصلاحات ولتعود بورصة الكويت كسوق جاذبة للشركات الناجحة التي تسعى في التخارج والنمو او حتى زيادة رأس المال.
[email protected]