ضمن الموسم الثقافي لقسم التمويل والمنشآت المالية في كلية العلوم الإدارية وبالتعاون مع نادي التمويل في جامعة الكويت، نظمت مجموعة غيتهاوس المالية وبيت الأوراق المالية ندوة بعنوان «من الكويت الى العالم قصة تأسيس بنك في بريطانيا» والتي ألقاها السيد فهد فيصل بودي رئيس مجلس الإدارة مجموعة غيتهاوس المالية والرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة بيت الأوراق المالية.
وفي هذا الصدد، أكد المدرس في قسم التمويل د. سعود اسعد الثاقب أن هذه الندوة تأتي لتسليط الضوء على أهم المواضيع الاقتصادية التي تهم طلبة الكلية بشكل عام ومحاولة من القسم في ربط المحتوى الأكاديمي بالواقع العملي، وإبراز نجاحات محلية لدعم وتحفيز الطلبة، اظهار قدوات تحمس الطلبة للإبداع والاستمرار في عالم الاستثمار، وقد ضم الحضور عددا كبيرا من أعضاء هيئة التدريس وطلبة وطالبات الكلية الذين ابدوا تفاعلهم وحماسهم لقصص النجاح رغم التحديات.
قال السيد فهد بودي رئيس مجلس إدارة مجموعة غيتهاوس المالية: «نجاح كل إنسان يبدأ بخطوة».
وبدأت قصة نجاح السيد فهد بعد أن عمل في شركة بيت الأوراق المالية، وتطرق خلال المحاضرة الى اهم المحطات في تاريخ الشركة والتحديات التي واجهتهم، وكيف تحولت كل ازمة لتحدٍ، تطرق كذلك لكيفية التعامل مع الازمات وإدارة المخاطر وتطرق السيد فهد بودي الى قصة الاستثمار في الأسهم الأميركية في وقت لم تكن فيه معايير الاستثمار الإسلامية معروفة في السوق الأميركي، وبعدها بعامين كيف قرر أن يتخذ مسارا مختلفا بعد الأزمة الألفية في سنة ٢٠٠٠، تحدث عن تجربة أول مشروع عقاري لبيت الأوراق المالية في الولايات المتحدة الذي تم تمويله بطريقة اسلامية وكيفية اختيار المنطقة والصعوبات التي واجهتهم في كل خطوة.
ثم انتقل لتأسيس غيتهاوس التي أصبحت من أولى الشركات المملوكة لكويتيين تعمل في التمويل الإسلامي في بريطانيا، حيث ابتدأت سلسلة الاستثمار العقاري في بريطانيا وكانت في ذلك الوقت معتادة على التمويل الإسلامي وبعدها حاولوا الانتقال لفرنسا ولكنهم واجهوا بعض الصعوبات حيث إن فرنسا لم تكن تعرف التمويل بالطريقة الإسلامية، لكن احد المحامين ذكر ان هناك طريقة في القانون الفرنسي كانت غير مستخدمة في تلك الفترة لانعدام الحاجة لها، فاستغلت المجموعة تلك الفرصة في تطوير عقد بناء على هذا القانون بطريقة مشابهة لعقود الاجارة الإسلامية المتوافقة مع الشريعة، فأصبحت اول شركة عالمية تستثمر في فرنسا وفق الشريعة الإسلامية، مما فتح المجال للعديد من الشركات الأخرى لتكرار التجربة.
قال السيد بودي: «اللغة والثقافة المتبادلة والسمعة الطيبة ساعدت على هذا الانتشار».
ثم انتقل للحديث عن اكبر التحديات، ولادة البنك في بريطانيا في خضم الأزمة المالية، وكانت عملية تأسيس البنوك إجراءاتها معقدة، لكن بسبب سمعة بيت الأوراق المالية الجيدة وحجمها وأصولها، كانت فرصتهم في دخول السوق البريطاني قوية جدا، حيث كان رأسمال البنك ما يعادل 50 مليون استرليني وكانت أكبر أهداف البنك بناء قاعدة للمعاملات الإسلامية في بريطانيا.
كان تأسيس البنك في الازمة المالية في ٢٠٠٨، لكنها كانت نقطة تحول بالنسبة الى البنك لان الأزمة خلقت لهم الفرص.
وفي شهر أغسطس بالتحديد سنة 2009 شعر السيد فهد بالمسؤولية الشخصية تجاه هذا الأمر دون أن يتعذر بالأزمة المالية العالمية التي اثرت على الشركة الأم «بيت الأوراق»، وفي ظل تعثر بعض العملاء الكبار من الكويت والخليج، قرر أن يتخذ اتجاها جديدا لمواجهة هذه الأزمة.
لم يستخدموا الازمة المالية كعذر بل استغلوا الفرصة، حيث بدأوا الاستثمار في العقارات المؤجرة على شركات ومؤسسات عالمية تتمتع بسمعة وثقة عاليتين ليقلل من مخاطر الائتمان من المؤجرين وبالتالي يقلل المخاطر على المستثمرين.
الأزمة تخلق الفرص
الازمات المالية اما ان تكون خطرا او تكون فرصة للمستثمرين، حيث كانوا من الشركات القليلة التي اقتنصت هذه الفرصة في الازمة بشكل صحيح.
وذكر أيضا أن الأزمة بالمعنى الصيني تتألف من كلمتين هما: الخطر والفرصة.
وركز في حديثه على انه في عالم الاستثمار السمعة اهم بكثير من تعظيم الأرباح قصيرة الاجل، فالسمعة الطيبة تبني ثقة العملاء على المدى الطويل بعكس الأرباح السريعة، فالربح على المدى الطويل اهم من الربح على المدى القصير، وبسبب السمعة الحسنة قام صندوق الحج الماليزي باستثمار يعتبر الأول من نوعه مع البنك البريطاني بالإضافة إلى كونه أول استثمار لهذا الصندوق خارج ماليزيا، حيث كانت نقطة تحويل في مسيرة غيتهاوس حيث اصبح محطة مهمة للاستثمارات العالمية وليس فقط الكويتية المحلية.
وشدد على ان نجاح الشركات الكويتية في استثماراتها العالمية مسؤولية وواجب وطني وعائد يضاهي العائد المادي.
قال أ.بودي: «النجاح ليست محطة وصول ولكنه طريق مستمر» فمن اللازم الاهتمام بالسمعة والاستمرارية في الجودة والمعاملة مع العملاء.
وقام بمواجهة هذه الأزمة بطريقة مغايرة عن الجميع، لا بد من الابتعاد عن عقلية التقليد والتركيز على التطوير المستمر.
مثال على ذلك، يوجد في بريطانيا عجز في عرض المنازل للأسر الصغيرة، استغل البنك هذا العجز وقام بإنشاء صناديق لتمويل بناء هذه المنازل عن طريق الاجارة المؤدية الى التملك، حيث قام باستغلال الفرصة بصناعة سوق خاص للعوائل المحدودة الدخل ممن كان يغفل عنهم السوق كثيرا من خلال توفير اسعار معقولة وبعوائد ممتازة من خلال صناديقهم الاستثمارية، التي تدير حاليا حوالي ألفي منزل، مما شجعهم للاستحواذ مؤخرا على شركة بريطانية لإدارة الأملاك، لتستمر سلسلة التوسع والنجاح الكويتية في الأراضي البريطانية.
وفي آخر عمليات التحول والتطوير قاموا بتحويل البنك الى بنك الكتروني، حيث يتم تسلم الودائع إلكترونيا عبر الإنترنت، وهي ودائع اسلامية، علما، أن غالبية المودعين غير المسلمين لأنهم كانوا يهتمون بالأخلاق والتعامل والعوائد الجيدة.
واختتم بودي ندوته بحث الطلبة على الالتزام بالتعامل الأخلاقي والمصداقية والحرص على ثقة العميل بالشكل الصحيح، ونصح السيد بودي الحضور خلال كلمته انه يجب ان يكون لدينا شغف وحب للعمل وان نكون قابلين للتغير والتطور مع المجتمع، وفي نفس الوقت يجب المحافظة على اخلاق العمل والمسؤولية الاجتماعية.
فالسمعة مهمة جدا في عالم الاستثمار على المستوى الشخصي او الوطني، وأشار الى توقعه الشخصي في احتمالية اختفاء فروع البنوك حول العالم خلال العشر سنوات القادمة ويصبح الاعتماد الكلي على البنوك الإلكترونية.
وأشار د.الثاقب إلى أن الهدف الأساسي من هذه الندوة هو زيادة وعي الطلبة في الاستثمار الإسلامي خصوصا على المستوى العالمي، وذلك في إطار الدور الذي تقوم به جامعة الكويت لتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال آملين ان يكون منهم من يساهم في تطوير والارتقاء بهذه القطاع، وفي ختام الندوة شكر د.الثاقب تفاعل الطلبة وحضورهم واهتمامهم بمحتوى الندوة وكذلك تقدم بجزيل الشكر للقائمين على مجموعة غيتهاوس المالية وبيت الأوراق المالية وبالأخص السيد فهد فيصل بودي لتلبيتهم الدعوة والمساهمة في إنجاح الندوة.