يقول: مخطئ من يعتقد أننا نكثف مسعانا للتقرب إلى الله زلفا في المناسبات الدينية فقط حتى نضاعف الدعاء ونجهر بالتهليل وتتسع حناجرنا بالتكبير لله، وتسير مجبرة أقدامنا للمساجد فتشرع أبوابها وتعانق أضوائها الأفق البعيد، وتصدح مآذنها بأعذب القول، وتنشغل المصاحف بتلاوتها والتمعن بمعاني محتواها وهي منثورة على أكف المصلين عربا كانوا أو عجم أو آسيويين وغيرهم، فتطهر أجواؤنا من طيب الحديث وصدق النوايا، وهذا ثبات فينا لا دسيس علينا.
ليس فقط في المناسبات الوطنية يفيق الغلو فينا حبا للوطن وتنتشي أفئدتنا طربا للأناشيد وأهازيج وأفراح الكويت فتجنح بنا تطرفا بالمواطنة فالوطن جزء من تكوين ما أرضعتنا أمهاتنا منه.
ليس منصفا من يدعي أن المحاضرات والدروس الدينية تجدول وندوات الفكر تبرمج وتتسع معاني القرآن شرحا ونغرف من فقه الشريعة معاني جمة وتتضاعف أجوبة السائلين الحيارى عن أحكام شريعتهم السمحة في ترتيب حياتهم، وتنشغل هواتف المفتين وعلماء التفسير للرد على الساعين حرصا في تطبيق أحكام دينهم أثناء لحظات التوبة والندم فقط، بل هو أصل فينا لا تأصيل لاجئ علينا وثقافة مجتمع استوطنت بتراب كاظمة وانغرست برمال الكوت.
يضيف: من غير الإنصاف من يعتقد أن لجوء النساء للاحتشام وإسدال أثواب الفتيات وتغطية شعور المراهقات في أيام معدودة للحج أو ساعات مكتوبة لأداء العمرة، بل هو التزام شرعي وعقائدي لأفراد مجتمعنا مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ـ الأحزاب: 59).
ليس صحيحا في وقت العبادة والتذكر والسجود والركوع والتدبر تخرس أفواه المتحرشين والمتسكعين من الجنسين في الأسواق والميادين العامة وتكف أكتاف الرجال عن الطرب نشوة وتسكت عن الزفان حركاتها وعن الألحان إيقاعاتها و«تزنجر» خصر النساء تلويا وهزا ويتوقف المتحلطمين والناقمين عن الهذرة، ويحتجب الغشاشين عن مضمار وميادين ألعابهم، وتصفد أيدي السراق وتكبل أفواه المنشقين ويلتزم أفراد مجتمعنا بتطبيق معايير السلوك المهني والأخلاقي وفق إطار ومواثيق الشرف والعفة في جميع أعمالنا المبنية قيمها على مبادئ الاحترام والتقدير، والعمل وفق أعلى المعايير الأخلاقية في تعاملنا مع الآخرين سواء من لحمتنا أو ممن يعيشون بين كنفنا والتحلي بالنزاهة والأمانة المالية وغرس ثقافة الاحترام المتبادل للآراء المختلفة وقبول الآخر دون أن نفكر يوما باحتقار ما يقول أو تسفيه منطقه إنما هي جزء ثابت يحتل من مقومات تكوين شخصيتنا حيزا متمركزا في ماهية التعريف بمكوناتها.
سألته: ما دليلك؟ قال: اقرأ بتمعن قول الحق تبارك وتعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ـ النحل: 18)! وليكن لديك القدرة على إجراء المقارنات العادلة مع من هم حولك لترى وتدرك عظيم قدرك وكرم الخالق في نعمته عليك، ولتتعرف على ماهيتك وحدود آدميتك حتى تدرك من أنت؟ فأخلاقياتنا وقيمنا ومبادئنا متأصلة ومتجذرة في حقيقة أصولنا، أما التحضر والانفلات فهو متأرجح فينا.
لكن..؟