الرقم الظاهر في عنوان المقالة يمثل (على نحو تقريبي) عدد المقالات التي نشرتها في صحيفة «الأنباء» طوال 30 عاما.
بيد أن الأمر بالنسبة لي يعني أكثر وأعمق من (فترة زمنية) ذلك أن هذه الفترة المديدة لم تمض برتابة، أو بكتابات مائية، لا لون لها أو طعم أو رائحة، بل تخللتها معارك سياسية وأدبية، وخصومات، ومشاغبات، ومواقف صلبة، وأشعار وطنية و(حلمنتيشية) وغزلية، وكتابات كلما بعثتها للنشر تمنيت أن تكون قد احتوت على معرفة ما، وانطوت على رأي فيه منفعة وخير للناس.
****
لست وليد صحيفتنا «الأنباء»، فأنا ولدت خارج رحمها، وعملت في أكثر من صحيفة حتى استقر الأمر فيها، حين دعيت إليها، فأتيتها فارسا يجيد الكرّ والفرّ واستعمال القلم. وكان ذلك حدثا مهما في حياتي، أن تجري جيادي في مضمار الراحل الكبير، المغفور له بإذن الله، العم خالد يوسف المرزوق، الرجل الذي كنت معجبا به مذ كنت غرّا.
ومضى الوقت وأنا (انباوي وأفتخر) وأجتهد في أن أكون ترسا في آلة التفكير اليومي للمجتمع. احترمت من يعارضني الرأي كمثل من يوافقني. كان همي، ولم يزل، حث القارئ على التفكير في الضفة الأخرى والخروج من الصندوق.
****
فرادة مقالة اليوم ليس بسبب العنوان الرقم 5550 بل لأنها المقالة الأخيرة التي أنشرها في صحيفة «الأنباء» نعم فهكذا قضي الأمر، وآن أوان التوقف عن النشر في صحيفة أفخر بأنني كنت أحد فرسانها طيلة أيام طويلة وجميلة.
حرصت، خلالها، على أن أحافظ على سمو الكتابة وشرف المهنة وأمانة القلم. وفي هذه اللحظة وأنا أحزم حقيبة الرحيل وألوح بكف الوداع، أتقدم بالتحايا الكبار والمحبات الكثار إلى جميع الزملاء والزميلات في «الأنباء»، سواء الحاليون أو الذين غادروها قبلنا.
salah_sayer@
www.salahsayer.com