أرى الناس في تخبط وتيه، في اعتقادي نشاهد ذلك للمرة الأولى في التاريخ تخبطا سياسيا وإداريا واقتصاديا ساد المنطقة العربية، والمواقف الانفعالية لبعض الدول والقائمين على إدارتها تشعرك كأنهم في حالة غياب عقلي ناتج عن شرب جرعات مسكرة تأخذ بعقولهم إلى أولى مراحل الجنون! إلا كيان واحد كلنا نعلمه، بالطبع هو كذلك لأنه صانع الخمر وساقيها ومخترع مكوناتها وهو من يتحكم في جرعاتها ودرجات سمّها، فصانع الخمر هو نفسه صانع اللعبة الذي تكلمنا عنه سابقا في سلسلة مقالات تخصه وتشهد له بمهارة الصنع والإدارة ثم النجاح.
فترى هذا يقتل ذاك، وذلك يريد أن يحتل أرض هذا، وذاك يتدخل في إدارة هذا، وهذا يتصيّد لذاك، وذلك له أطماع يسعى لنيلها، وهذا ليس له أطماع، لكنه مريض عقلي يريد فقط الوقيعة والخراب بين هذا وذاك، وهذا صامت يشاهد من بعيد، وهذا ينكر، وهذا يدين، وذاك يؤيد، وهذا يعارض، وذلك يتحرش بذاك.
يشعرك هذا المشهد بأنهم جميعا في غرفة كبيرة ظلماء بها موسيقى ساخرة تدفعهم إلى الجنون ومشروب مُسكر يُذهب العقل، تراهم يتراقصون على نغمات الجنون والعظمة، يرفع الواحد منهم يده برعشة خوف يحاول استعادة رباطة جأشه بالإشارة بإصبعه إلى الآخر وهو يتمايل يمينا ويسارا، محاولا إرسال رسالة تهديدية ليخيف بها الآخر، ويقول: لو تقربت مني فسوف أزيلك من الوجود أو أطيح بك من على كرسيك المصنوع من الذهب المعتق منذ سنوات طوال ومطرز باللؤلؤ والمرجان.
وهكذا هي الحال الآن، نبرات متعالية من هذا وذاك تشير إلى خراب ودمار وانتقام وفساد نعاني منه منذ قرن مضى. لم يكف هؤلاء الدمار والخراب الذي أصاب بعضهم، لم يكفهم تشريد الملايين وقتل وتخريب معظم الدول! يريدون استكمال خارطة الفساد والدمار التي رسمها (صانع اللعبة).. منذ ولادته إلى الآن تمضي الخطة كما رسمها بدقة ويجلس على كرسيه المطل من قلب الوطن العربي على العالم يشاهد أحلامه تتحقق كما رآها في منامه الذي لا يرغب في أن يستفيق منه إلا وهو على قمة العالم المدمر الخرب.. هو فقط من يحتفظ بنفسه قويا صامدا حتى تأتي ساعته لسيادة العالم، كنت أشك سابقا بأن حلمه هذا سيتحقق، لكن ما آلت إليه النتائج من تسلسل نجاح خطته يدعو إلى الخوف.. إلا في حالة قوة اليقين بأن الله غالب على أمره والغلبة للمتقين، والله المستعان.
[email protected]