للمواطن عدة أدوار تجاه بلده، فهو يسهم في بنائها ويسعى للمحافظة عليها. ولكون كل مواطن خفيرا فهو يسهم بالإبلاغ عن الأشخاص الذين يضرون بالبلد أو يقومون بفعل ينافي القانون.
ونظرا لترابطنا في وسائل التواصل الاجتماعي وانتقال الخبر ومقاطع الفيديو بسرعة البرق يتفاعل الكثير معها من معارض ومؤيد لتصل الأمور إلى الإبلاغ عنها للجرائم الإلكترونية لعمل اللازم تجاه الفعل.
هناك من يمارس حياته ويعرضها بالكامل على وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما تراقب شخصا فترة طويلة بالتأكيد ستشاهد ما لا يعجبك، فمن تعنيف لطفلة بريئة أمام الملأ إلى تصوير شخص حياته في خطر بدلا من مساعدته، ومشاهد كسر قوانين المرور بالاستعراض بالسيارة وتعريض حياة الآخرين للخطر، والعديد من الأفعال المشينة التي نشاهدها يوميا بسبب طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي التي تلاحقك الأخبار بدلا من أن تلاحقها.
ولكون العديد من المواطنين لديهم وعي، ويسعون إلى المحافظة على الكويت بالإبلاغ عن هذه الأفعال للحد منها وتشكيل المجتمع ليكون أفضل.
هذا الحرص أحيانا يجعل البعض يتحول من خفير إلى مخبر شغله الشاغل الإبلاغ عن أي شخص ينتقد الحكومة أو يبدي رأيا لم يعجبه ويظن أن به إساءة للبلد.
وبما أن الحكومة مع بداية أزمة الكورونا فاقت التوقعات بأدائها أصيب المواطنون بنوع من المناصرة الحكومية وإسكات أي رأي مخالف للحكومة، فيتم التنمر على أي شخص ينتقد الحكومة والإبلاغ عنه للجرائم الإلكترونية لمعاقبته، والمستغرب أن تقوم وزارة الداخلية باستدعاء المنتقدين بتهمة انتقاد الإجراءات الحكومية، وبرأيي هذا انحراف عن حق المواطن بحرية الرأي.
قد لا أؤيد ما يصوره البعض من انتقادات تافهة لكن أيضا علينا ألا نصادر آراء البشر ونمارس التنمر بشدة بل إبداء آرائنا وتنتهي المشكلة هنا خصوصا في هذا الوقت الذي نعاني من نفسية سيئة بسبب الحظر والحجر الصحي.
ومن السهل تقطيع الفيديو وإعادة إرساله لإيصال صورة مشوهة عن الشخص، والتي قد تؤدي إلى معاقبة أبرياء ليس لهم ذنب. فوافد مصري تسبب البعض في قطع رزقه وإبعاده عن الكويت لاعتقادهم أنه ينتقد الإجراءات الحكومية في الكويت والفيديو كان مزحة مع أصدقائه في مصر. ولحساسية المواطنين من الوافدين يقوم البعض بالمسارعة للإبلاغ عنهم من دون أي تفكير وتحديد هل ما شاهده رأي أم مزحة أم إهانة.
علينا التفريق بين الرأي والإساءة، والكثير لا يفرق بينهما وينجرف مع مشاعره باسم الوطنية والشعار الذي يرفعه البعض «أنا عنصري من أجل الكويت».
أتفهم المشاعر الوطنية، وطبعا لا أحد يرضى بالغلط، لكن قبل الإسراع والإبلاغ عن شخص صور فيديو أو وضع رأيه علينا ألا نتسرع ونحدد هل ما يقصده الشخص إهانة أم انه رأي عابر وطبعا ليس بالضرورة جميع الآراء تعجبنا لكن لا يمكن اعتبارها إهانة أو جريمة.
حرية الرأي مكفولة ويجب ألا نسلك سلوكا يحد منها، فالقوانين تتشكل من ثقافة الشعب، وإذا أردنا ان نصبح منغلقين ولا نقبل بالرأي الآخر فسيؤثر ذلك سلبا على القوانين وبالتالي سنحد من حرية التعبير التي سنندم عليها لاحقا مثلما ندمنا على قانون الجرائم الإلكترونية الذي أودى بكثير من المغردين إما الى السجن أو الهرب من الكويت بطلب اللجوء.
SaqerG@