يمر الشعب الكويتي بأكثر المراحل حرجا في تاريخه، فالنمو في جميع المجالات في تراجع لم يسبق له مثيل منذ أكثر من ستة عقود، والمستقبل غامض والوضع الاقتصادي متدهور ويمر بأكثر المراحل حرجا، والفساد منتشر، الشعب يتذمر وغير راض عن أداء الحكومة، ويعد مجلس الأمة الحالي الذي علقت عليه آمال كثيره مغيبا، وهو من أسوأ المجالس التي مرت على الكويت ومخيبا لآمال الشعب وطموحاته، فرص العمل الفورية للشباب متاحة للوافدين دون الكويتيين، نسبة البطالة تتضخم وخريجو الجامعات وغيرهم ينتظرون سنوات للحصول على الوظيفة، وتتدخل الواسطات لمنح الأولوية في التعيين في الدوائر الحكومية أو في القطاع الخاص لمصلحة المقربين.
نريد حلا لهذه المشاكل، نحن ندفع ثمن تقاعس الحكومات السابقة والتي كانت تفتعل الأزمات وتتركها تتضخم إلى أن تصل إلى طريق مسدود، ثم تبدأ بالتدخل بطرح الحلول الترقيعية والتنفيعية وتزيد الأمور تأزيما، واعتدنا رؤية الحكومة تتعامل مع الأزمات بردود الأفعال اللحظية دون التخطيط والدراسات المسبقة، فيصبح من الصعب إيجاد الحلول الناجعة لمثل هذه الأزمات.
وسأذكر بعض المشاكل على سبيل المثال لا الحصر، مشكلة البدون التي كان يمكن حلها من أكثر من خمسين سنة بطريقة أسهل قبل أن تتفاقم وتتضخم لتصل إلى ما نحن عليه، فأعدادهم المتزايدة واستحقاقاتهم أصبحت من أكثر المعاضل التي تعاني منها الدولة.
وفي نهاية السبعينيات من القرن الماضي سمحت الحكومة وصرحت بالتداول غير الرسمي بالأسهم الخليجية وغيرها وروجت لها ثم جاءت كارثة المناخ وانهار كل شيء، واقترحت الحلول الترقيعية غير المدروسة ونفعت المخالفين بتعويضهم بمليارات الدولارات وأضرت بالملتزمين بالدفع وضاع صغار المستثمرين.
بعد التحرير عام 1991 كانت الكويت شبه خالية من الوافدين بجميع جنسياتهم وسنحت الفرصة المناسبة والتي لم تستغلها الحكومة لتعديل التركيبة السكانية، ومرة أخرى تقاعست وشجعت تجار الإقامات على ممارسة نشاطهم، والسماح بالدخول العشوائي للعمالة الزائدة وغير المؤهلة للتكسب ومص دمائهم على حساب الأمن الوطني للكويت.
ومن أكثر المصادر التي سببت أزمة العمالة السائبة من واقع تجربتي هي المشاريع الحكومية، حيث إن هناك بعض المشاريع تتطلب على سبيل المثال 500 عامل لتشغيل المشروع، فتمنح الوزارة المعنية الشركة الفائزة بالمناقصة 1000 عامل ويمكن زيادة العدد حسب التفاهم مع المسؤولين عن العقود، ويمكن خلق أوامر تغييرية تضاعف هذه الأعداد.
وبعد أزمة كورونا بدأت الأصوات تتعالى برحيل الوافدين، والحقيقة أن هذه المطالبات غير منطقية وغير قانونية ولا يمكن تنفيذها لأن معظمهم لديهم عقود سارية المفعول ويمكنهم الرجوع قانونيا على أصحاب العمل، والكويت وعلى المدى البعيد بحاجة لهذه العمالة على اختلاف جنسياتها ومستويات تحصيلها العلمي، ويجب أن نكون منطقيين ونواجه الواقع، نقول نعم الشباب الكويتي المتطوع يمكن الاعتماد عليه، وأثبت كفاءته من خلال هذه الأزمة وقبلها أثناء الغزو الغاشم، ولكنهم لن يستطيعوا الاستمرار خاصة إذا انفرجت الأزمة وعادوا إلى وظائفهم. إذن ما المطلوب؟
وأنا هنا لا أعول على مجلس الأمة لأنني لا أثق بجديتهم أو بكفاءتهم لحل مثل هذه المشكلة، يجب أن تكون الحكومة الجديدة بقيادة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد جادة هذه المرة في وضع خطة بعيدة المدى لتعديل التركيبة السكانية، وتشديد الرقابة على العقود الحكومية، وتغليظ العقوبة على تجار الإقامات، ويجب الاستعانة بشركات استشارية متخصصة ومستقلة في هذا المجال وبالتعاقد المباشر دون وسيط، ولا تكون محسوبة أو مفصلة لأحد المتنفذين.
[email protected]