ترددت في الآونة الأخيرة التلميحات بفرض الحضر الشامل والعزل على بعض المناطق في الكويت، خاصة تلك التي يقطنها عدد كبير من الوافدين، وقد تم تداول بعض الجداول تقسم الكويت إلى ثلاث مناطق وتصدرتها مناطق كثيرة تحتوي على كثافة سكانية عالية من الوافدين، ورغم إدراكي بأهمية ونجاعة هذه الإجراءات في الحد من انتشار وباء كورونا، إلا أنني أعتقد أنه ستكون هناك مصاعب في تطبيقها على أرض الواقع، وذلك للأسباب التالية:
1 - المناطق الجغرافية المراد تغطيتها والتي وصفت بشديدة الخطورة ذات الكثافة السكانية العالية والتي تقطنها أعداد كبيرة من العمالة الوافدة مساحاتها واسعة ومنافذها ومخارجها متعددة، كما أن هناك مناطق متوسطة الخطورة وأخرى هادئة، ولا أعتقد أن وزارة الداخلية لديها الطاقة البشرية والمعدات اللازمة للسيطرة على جميع هذه المناطق بإحكام.
2 - حتى لو تمت الاستعانة بقوات من الجيش والحرس الوطني لسد النقص في القوة البشرية اللازمة للسيطرة على الوضع رغم أن هاتين القوتين غير مدربتين للتعامل المباشر مع الجمهور في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل تم تشكيل قيادة أمنية مشتركة من القوى العسكرية المعنية بالأمر للتنسيق ولتحديد من سيقود العمليات وصلاحيات كل قطاع؟
3 - يــجــب أن تكـــون هـنـــاك أوامــر ثابتـــة SOP (Standard Operating Procedure ) معروفة وواضحة للجميع حتى يتم تطبيقها في مثل هذه الظروف، والهدف من هذه الأوامر هو أن تعرف كل قوة ماذا يجب أن تكون ردة فعلها في حالة الاضطراب، خاصة وأن غالبية الفئة المستهدفة تعتبر فئة غير مثقفة أو واعية لمثل هذه الظروف، فعدم وضوح هذه الأوامر هي من أكثر المشاكل التي تعاني منها القطاعات الأمنية في الكويت، فعند حدوث إخلال أمني مفاجئ في منطقة الحظر، يجب أن تكون الصلاحيات واضحة للقائد الميداني وردة الفعل يجب أن تكون سريعة وفورية ومتناسبة مع الحدث، لأن التأخير في صدور موافقة الأوامر العليا للتعامل مع الحدث يؤدي أحيانا إلى مشاكل لا تحمد عقباها.
4.هل تم وضع تصور لتوفير الاحتياجات الضرورية وسبل الحياة الكريمة للمحظورعليهم، هناك رسائل نصية SMS يومية لكنها ضبابية غير واضحة ترسلها وزارة الإعلام وتنص على «عزيزي المقيم، العزل الكلي حماية لك ولأسرتك، سنعمل على توفير كل احتياجاتك الغذائية ومستلزماتك الضرورية والرعاية الصحية»! هل المقصود أن الدولة ستقوم بتوفير جميع الاحتياجات بما فيها المواد الغذائية في مناطق التسوق المحظورة ليقوموا بشرائها من جيوبهم الخاصة؟ أم أن الحكومة ستوفرها لهم بالمجان؟ يجب أن تكون الصورة واضحة حتى لايفهم أن الحكومة وعدت ولم تنفذ.
وتعليق أخير، أود الإشارة إلى أن ما تم نشره في وسائل التواصل الإجتماعي فيما يتعلق بالعقوبات في شأن مخالفة حظر التجول بأنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن عشرة آلاف دينار» غير صحيح، حيث إن هذه العقوبة تتعلق بمخالفة القانون رقم 21 لسنة 1979 بشأن الدفاع المدني وليس الحجر الصحي، والصحيح أن العقوبة القانونية والتي يجب أن تطبق تختص بالقانون رقم 8 لسنة 1969 والخاص بالاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية، وعقوبتها الحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين دينارا. وأدعو الله عز وجل أن يحفظ الكويت والإنسانية جمعاء من شر هذا الوباء.
[email protected]