أظهرت الإحصاءات الصادرة عن مجلس الطاقة العالمي، أن الكويت تتصدر قائمة الدول الأكثر استهلاكا للكهرباء في المنازل على المستوى العالمي، حيث بلغ متوسط استهلاك الكهرباء المنزلي في الكويت 40.4 كيلوواط سنويا. في حين حلت قطر ثانية (31.8) ثم السعودية (24.0) تلتها الإمارات (17.6) ثم النرويج (15.3) والولايات المتحدة (12.3) وكندا (11.1) ثم فنلندا (8.0) وبعدها السويد (7.8) ونيوزيلندا (7.4).
ولم تكن تلك الأرقام مفاجئة لنا، فقد تكررت مثل هذه الإحصاءات لعدة سنوات مضت، لذلك قامت وزارة الكهرباء خلال السنوات الماضية بعمل حملات إعلامية وميدانية، وأقامت ندوات وحملات توعية لترشيد الإنفاق، وحثت المواطنين والوافدين على ترشيد استهلاك الماء واستخدام الأجهزة الكهربائية للحد من الإسراف فيها، وكانت هذه الحملات مستمرة ولكنها كانت تتكثف مع بداية ارتفاع درجة حرارة الجو والذي يبدأ عادة في أواخر شهر أبريل من كل عام، حيث تظهر الوزارة كل عام أرقاما قياسية في استهلاك الماء والكهرباء، وعادة يبدأ موسم السفر متزامنا مع تعكر الجو وارتفاع درجة الحرارة في مثل هذا الوقت، فتغادر الكويت معظم العوائل الكويتية لقضاء العطلة الصيفية خارج الكويت، وهذا ينطبق كذلك على الإخوة المقيمين على اختلاف انتماءاتهم وجنسياتهم، حيث يجدونها فرصة للتواصل والالتقاء بأحبتهم وأقاربهم في بلدانهم.
بدأت مقالي بهذه المقدمة حتى أوضح نقطة مهمة جدا، وهي أن هذه الأرقام القياسية في الاستهلاك والتي تعلنها وزارة الكهرباء كانت تتزامن مع مغادرة نصف سكان الكويت تقريبا لقضاء إجازاتهم، ولكن في هذا العام سيكون الوضع مختلفا تماما حيث إننا نمر بظروف استثنائية ليس لها مثيل، ولم يسبق أن حدث في تاريخ الكويت أن تواجد جميع سكان الكويت والبالغ عددهم الآن 4.5 ملايين نسمة تقريبا في بيوتهم وشققهم، كل هؤلاء مجتمعون بنفس الوقت وفي ظل هذه الأجواء الحارة والموبوءة، سيستهلكون كمية غير مسبوقة من المياه والطاقة الكهربائية، خاصة بعد تصريح المسؤولين بأن الحظر الشامل أصبح قريبا جدا، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل استعدت وزارة الكهرباء لمواجهة هذه الأزمة؟
في السنوات السابقة ورغم مغادرة نصف سكان الكويت كانت أرقام الاستهلاك قياسية، وكان هناك قطع مبرمج لبعض المناطق بسبب زيادة الأحمال الكهربائية، فماذا ستعمل الوزارة الآن؟ خاصة أن هناك أعدادا ضخمة من المجمعات التجارية الكبيرة، والعمارات ذات الأدوار القياسية في الارتفاع، والفلل الجديدة قد تم إيصال التيار الكهربائي لها حديثا، والتي ستشكل حملا إضافيا كبيرا على معدل الاستهلاك.
ماذا أعدت وزارة الكهرباء من تدابير وإجراءات لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية؟ أرجو أن أكون مخطأ في ظني ويقيني بأن الوزارة لم تستعد لمثل هذه الظروف، هل طاقة إنتاج محطات توليد الطاقة الكهربائية ومحطات تحلية المياه قادرة على ضمان استمرارية تزويد المواطنين والمقيمين بحاجتهم من الطاقة الكهربائية ومياه الشرب؟ أم أن مقولة (تو الناس وخل كل شي بوقته).
أعتقد أن الخطوة الأولى التي يجب أن تقوم بها وزارة الكهرباء هي ترشيد إنفاق الحكومة أولا، وذلك بالحرص على إطفاء المكيفات والإضاءة غير الضرورية في جميع المرافق والمباني الحكومية غير المستغلة وضبط المقياس الحراري للتكييف في المباني المستغلة بعد الدوام الرسمي، بعد ذلك تكثف جهودها التوعوية وبمنظور مختلف عن النهج السابق، لأن الفوضى التي أحدثتها كورونا أدخلت العالم في متاهات معقدة لم يسبق لها مثيل.
والله سبحانه الحافظ.
[email protected]