في كل أزمة ينتج عنها سلبيات ما، نحمل تبعاتها إلى التركيبة السكانية ونعول على ارتفاع أعداد الوافدين وبالتالي نحملهم مسؤولية أي ظرف طارئ يعتري الدولة، إلا أن الأمر في حقيقته على خلاف ذلك، وذلك لأنه غالبا ما ينتج عن الظروف الطارئة ارتباك لكل الحكومات وكل الأنظمة الصحية والأمنية وعليه فلن نحمل طائفة بالمجتمع مسؤولية أي ارتباك حدث في أي مرفق عام.
بل على العكس من ذلك فإن تغيير التركيبة السكانية إلى ما يقل عن 30% فقط من الوافدين سيؤدي إلى ضعف القوة الشرائية في الكويت بشكل كبير، وبالتالي فإننا بدلا من أن نعالج الأزمة الاقتصادية فسنزيدها سوءا.
فاليوم التاجر الذي يوجه نشاطه أو بضاعته لأربعة ملايين ويبيع عليهم بسعر واحد هو بالتالي يحقق أرباحا أكثر من لو تم جعل التركيبة السكانية لا تتجاوز المليونين، هذا فضلا عن قطاع العقارات فالقيام بتقليل أعداد الوافدين سيؤدي إلى ضرر كبير بالعقارات، حيث إن عمارات كثيرة ستخلو من السكان، وبالتالي فلن يجد أصحاب العقارات مؤجرين لعماراتهم السكنية، وهذا سيؤدي إلى خلل وأزمة كبيرة في سوق العقار.
أيضا أصحاب الأعمال الذين يعتمدون على العمالة الوافدة في القطاع الخاص بشكل كبير، وذلك بسبب عزوف العديد من المواطنين عن القيام بهذه الأعمال التي يؤديها الوافدون، وعليه ستتعطل أعمالهم وسيؤدي تقليص العمالة إلى زيادة في الأجور، حيث بدلا من أن يتم دفع مبلغ على ثلاثة عمال سيتم دفعه لعامل واحد الذي بدوره لن يتمكن حتى من القيام بالعمل منفردا.
هذا فضلا عن أن أجور العمالة الوافدة لا ترضي الكويتيين وبالتالي متى ما تمت زيادة النسبة الوطنية للعمالة الوطنية في القطاع الخاص فسيؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية وليست معالجتها.
من جانب آخر، فإن عددا كبيرا من أصحاب المدارس الخاصة سيغلقون مدارسهم لأنه لا أحد سيلتحق بها، وبالأخص أن أغلب أبناء الكويتيين في الحكومة، وعليه فما مصير مدارس التعليم الخاص في هذه الحالة هل ستغلق أبوابها وتؤدي إلى الإفلاس؟
من جانب آخر، فإن الوافدين في الكويت لديهم عالمهم الخاص بهم وهم بالتالي لا يزاحمون الكويتيين بأي شيء فالتعليم منفصل والمناطق التي يقطنونها مختلفة، ولا يوجد سوى فئة قليلة تراجع المستشفيات، وهنا يكمن التذمر على الرغم من دفعهم للتأمين الصحي، وإذا كان الأمر مزعجا لهذه الدرجة فلتتم زيادة عدد المستشفيات الخاصة ويتحمل بالتالي أصحاب الأعمال تكلفة علاجهم في هذه المستشفيات، وخاصة أن هناك الكثير من الشركات تقدم تأمينا صحيا للعاملين لديها وهم لا يراجعون مستشفيات الحكومة.
لا أدري إلى متى سيتم تحميل الآخرين أي عقبات تعتري الدولة، وخاصة أن ارتفاع نسبة البطالة يحملون مسؤوليته إلى وجود العمالة الوافدة وهو على خلاف ذلك، لأن العزوف عن العمل في القطاع الخاص أتى من المواطن وليس بسبب الوافدين، فالكويتيون يفضلون العمل في القطاع الحكومي لأنهم يشعرون بالراحة اكثر ووظائفهم ورواتبهم مؤمنة من المخاطر وساعات العمل فيها مرونة وعدد الإجازات اكبر وليس بسبب العاملين الوافدين في القطاع الخاص.
حيث إن الحكومة رواتبها أعلى ومميزات التدرج الوظيفي وتقلد المناصب أكبر، وعليه فإن الحل يكون بدوره بزيادة عدد المرافق العامة لاستيعاب العمالة الوطنية، وهنا سنحد من البطالة بشكل كبير، خاصة أن عددا كبيرا من الذين يعانون من البطالة تكون باختيارهم حين يوزعهم ديوان الخدمة على أماكن لا يرغبون فيها.
لذا فلا أزمة حقيقية في التركيبة السكانية، بل انها أدت إلى إنعاش الاقتصاد ودعم أصحاب الأعمال بشكل كبير.