ارتفعت الأصوات المنادية بالكويت بترحيل الوافدين، وبدأت حملة مسعورة في وسائل التواصل الاجتماعي تنادي بذلك، وأردت أن أسلط الضوء على هذا الموضوع بتحليل مبسط وبعيد عن التجريح موضحا الأسباب التي دعت وللأسف بعض المغردين والمواطنين الكويتيين للمناداة بذلك.
الكويت ومنذ بدابة نهضتها لم تكن طاردة بل كانت جاذبة للوافدين، احتضنت العديد من الجنسيات العربية والأجنبية الوافدة للعمل وكسب الرزق الحلال على أرضها المعطاء، بداية من أبناء اليمن ودول الخليج كافة، مرورا بإيران والعراق والشام وفلسطين والأردن ومصر وحتى السودان، هذا خلاف الجيوش المؤلفة من العمالة الآسيوية والأفريقية، كل الوافدين وبشكل عام أحسوا بالأمن والأمان وعاشوا متآلفين متحابين مع الشعب الكويتي، وضمنوا كافة حقوقهم القانونية وسبل العيش الكريم ولم يكن هناك أي نوع من الحساسية أو التفرقة بينهم وبين الشعب الكويتي، لدرجة أن الكثير منهم هجر بلده وأهله وآثر البقاء والاستيطان في الكويت.
الحكومة هي التي سببت وأشعلت فتيل الحرب الكلامية بين الشعب الكويتي والجاليات الوافدة، حيث بدأت نواة الفتنة تظهر في مطلع التسعينيات من القرن الماضي عندما استعادت الكويت عافيتها ونفضت غبار الحرب بعد الغزو العراقي البغيض، وبدأ دخول الوافدين للكويت من كل حدب وصوب دون أي تخطيط مسبق أو دراسة من الحكومة الموقرة، كان ذلك في ظل انشغال أعضاء مجلس الأمة على مدى دوراته المتتالية بالمصالح الشخصية والصراعات الطائفية والحزبية، والاستجوابات واستعراض العضلات لتصفية الحسابات الشخصية مع الحكومة، والحكومة بدورها اتبعت سياسة تكسير العظام مع المجلس، واختلط الحابل بالنابل وضاع الشعب الكويتي بالطوشة.
بدأ ورم الأزمة بالالتهاب مع مطلع القرن الواحد والعشرين عندما بدأت الحكومة بالاستعانة بالخبرات الوافدة للتخطيط واتخاذ القرارات المصيرية الخاصة بمستقبل الشعب الكويت والتي تتلاءم مع توجهاتها، ومنحتهم رواتب ومميزات خيالية على مسمع ومرأى من الخبرات الكويتية والتي تجاهلتها الحكومة رغم كفاءتها في المجالات القانونية، والاقتصادية والإدارية والإعلامية وغيرها من المجالات المتعددة واللازمة لتطوير المشاريع الحيوية والرقي بالكويت لمواكبة الدول التي سبقتنا في مجالات متعددة.
ضمنت الحكومة العديد من الفرص الوظيفية شبه الفورية للوافدين دون عناء الوقوف في طوابير طلب الزكاة من الحكومة للتوظيف، والتي اصطف فيها خريجو الجامعات الكويتيون لسنتين أو أكثر طلبا لمنحة وظيفية، هذا خلاف الكويتيين ممن حصلوا على قدر أدنى من التعليم، وعند مراجعة الكويتي يجد أن من يقرر أولوياته في التوظيف من الإخوة الوافدين، وأنا لا ألومهم لأن المسؤول الكويتي منشغل بأموره الشخصية ووكلهم بذلك.
الشباب الكويتي في القرن الواحد والعشرين ليس كمثيله في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، فقد اكتسب الشباب الخبرة في العديد من المجالات وصعد لأعلى درجات العلم، وأصبح مرجعا يستعان به عربيا ودوليا، هذا لا يعني أن الكويت أصبحت في غنى عن خبرات الوافدين بل ستظل تحتاج اليها مادامت الكويت تسعى للتطور والارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة، ولكن المطلوب أن تعطى هذه الخبرات الكويتية الثقة وزمام القيادة في المشاريع الكبرى والتخطيط للمستقبل وسن القوانين والتشريعات الخاصة بالكويتيين والتي تشكل مستقبل الشعب الكويتي فأهل مكة أدرى بشعابها.
نسبة البطالة سجلت أرقاما قياسية لم يسبق لها مثيل وأضحت كثير من الأسر الكويتية في خطر، أرباب أسر بلا عمل وأسر مهددة بالانهيار وشباب متحمس لخدمة بلده يصطدم بالأبواب الحكومية المغلقة، وإذا اتجه للقطاع الخاص يصطدم بمسؤول وافد يعيش تحت رحمته يحجب عنه كل ما من شأنه تطوير أدائه وتحقيق طموحه، وإذا طالب بحقوقه هدد بالتسريح من العمل.
وأقول نيابة عن كل الكويتيين أهلا بكل الوافدين في بلدكم الثاني الكويت بس لازم يفهم الجميع أن الأولوية للكويتي في الوظيفة وهي حق مكتسب له قبل غيره.