لم تعد تطلق على البواسل المرابطة على حدود الأوطان ودواخلها من الجيش والشرطة فقط، فأصبحت تشمل الجيوش البيضاء، العين الساهرة التي تجوب المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية والإيوائية في تقديم الرعاية الصحية لخدمة المجتمع أجمع.
شهد العالم شجاعة وبسالة وتفاني الكوادر الطبية في مواجهة انتشار وباء يفتك بالأرواح فلم تكن المستشفيات مجهزة بالمعدات والألبسة الواقية والعقاقير، حتى بعضهم يعاني من نقص في الطواقم الطبية، لكن تكاتف أبطال الجيش الأبيض على مستوى العالم وقاموا بمواجهة الفيروس بكل ما أوتوا من طاقة وابتكار وصبر وتحمل، وكانوا يعملون حتى يسقطون من شدة التعب.
أبطال الجيش الأبيض تحدوا نقص الألبسة الواقية والمستلزمات الطبية فابتكروها من أكياس القمامة والملفات البلاستيكية التي يستخدمها الأولاد في المدارس.
في بعض الدول كان عندما يتلف الماسك يقومون بتدبيسه وإعادة استخدامه، أصيب من الكادر الطبي الآلاف حول العالم وما زالوا عرضة للإصابة وفقدان أرواحهم في سبيل الواجب المهني الإنساني، منهم من فقد ومنهم من واصل نضاله مع العدو الغازي وانتصر عليه ومنهم من فارق زميله الحياة أمام عينيه، ومنهم من ترك أهله باليوم والاثنين وأكثر يواجهون هذا الظرف الصعب وحدهم، لأنهم يجاهدون في حرب قدر أن يكونوا هم جند الصف الأمامي فيها، لا يحملون سلاحا يدافعون به عن أنفسهم إلا إنسانيتهم وواجبهم المهني وشرفهم تجاه المجتمع، ولا يستطيعون ترك زملائهم ومرضاهم في ساحة المعركة ويذهبون لينالوا قسطا من الراحة أو يطمئنوا على ذويهم.
التقطت كاميرات الإعلام حول العالم صورا مبكية للطواقم الطبية وهم يخطفون جزءا من الراحة في ممرات المستشفيات على الأرض، كي تستطيع أجسادهم المتهالكة من شدة التعب مواصلة النضال.
وآخرون غلبهم النعاس من التعب وطول السهر وهم جالسون على مكاتبهم، وآخرون رأينا وجوههم المتقرّحة من وضع الكمامات الواقية أياماً متواصلة على وجوههم، وشاهدنا بألم أطفالهم يأتون لرؤيتهم من بعيد، حال الفيروس ومخافة نقل العدوى احتضانهم وملامستهم لأطفالهم وذويهم.
وبالرغم من كل ذلك التعب والجهد والحرمان شاهدنا جميعا الفيديوهات التي يصفقون فيها ويغنون للمرضى في أروقة المستشفيات وأقسام العزل للتخفيف عنهم ورفع الروح المعنوية.. حقا أنتم ملائكة الرحمة. تحية إجلال لجنود الإنسانية من جيش وشرطة وكوادر طبية الساهرة على صحة وأمان البشرية.
[email protected]