العقود والعهود كثيرة، بعضها مكتوب وموثق بشهادة ومباركة الشهود، والآخر لا يلزم ذلك، لكن الغريب أن النوع الثاني عقوده من النوع الثقيل من ناحية المسؤولية والوفاء.
ما هو مكتوب في تلك الصفحات الموقعة والمختومة محدود، حفنة من الصفحات، مادمت التزمت بها فلا عليك، أما الأخير فلا يكفيه الورق ولا الأشجار، وهذا ما يزيد من صعوبة الاستمرار في صونه وحمايته.
لا شك أن الأول أسهل، ادفع قيمته في كل عام والثمن معروف، تستطيع في بعض الحالات التغاضي عن بعض شروطه وتأجيل قسط أو اثنين، بعد الحصول على موافقة من الطرف الثاني.
يستحيل أن يتنازل في النوع الثاني عن أي شرط، وتظل تدفع بداية كل عام وشهر بل كل يوم، ولا يمنع أن تعطي كل ساعة «هل من مزيد؟» أما الجزء المفرح المبكي فهو عدم تساوي العقدين بين الطرفين، عقدين.. نعم اثنين، لأنهما مختلفان بل يستحيل تطابقهما.
تطول قائمة الالتزامات عند أحدهما، أما الآخر فقد يدفع أحدهما والثاني يأخذ فقط، لأن الثمن والشروط قد وضعهما على نفسه وبنفسه دون تدخل من أحد، وكان بلا شك يظن أن الند يقوم بذلك، أما الكارثة والمصيبة الكبرى فهي حين ينتهي العقد ويلغى من دون معرفة الطرف الآخر بذلك، وهو لايزال يظن أن عقده قائم «مسكين».