ها هو يوم جديد أعاني فيه، فتح جفناي رغما عني في الصباح الباكر، فتذكرني معاناتي تلك بذلك المشهد الكوميدي بين توم وجيري، عندما يحاول جيري فتح جفنيّ توم ويقوم بتثبيتهما أعلى حاجبيه بلاصق..!، في تلك اللحظة تدفعني رغبتي في النهوض مع رفض عينيّ، أن أنادي على جيري كي يفعل معي كما فعل مع توم..!
وأقول لنفسي هناك من ينتظرونك كي تقومي على حوائجهم، وإذ بعقلي يذكرني بيوم عشت فيه لحظة زلزلت كياني وفجرت دموع الدهشة واستشعار رحمة الله بإنسانة معاقة لا حول لها ولا قوة لا تستطيع فعل شيء غير دموع تسيل على خديها في صمت وعيناها تنظر إلى السماء، فأخذت أفكر في سبب بكائها فقد تلقت العناية الصباحية وتناولت فطورها، ترى ما يبكيك أيتها الملاك البريء فقمت بتغيير وضعها، لكنها مازالت تبكي، فهداني اللطيف الرحيم إلى أمر قد يكون هو سبب بكائها وبعد البحث عنه، إذ بظنوني صحيحة! فأعطيتها مسكنا للآلام وقمت بتدفئتها وبعد دقائق معدودة إذ بدموعها تتوقف وعادت بسمتها الجذابة إلى وجهها البريء، وأخذت تنظر لي وتتبسم وأنا أبتسم لها وأبكي في الوقت ذاته!، قلت لها يا ملاك الجنة قد ساقني الله إليك كي أزيل عنك ألمك، فلله الحمد والمنة على تلك النعمة التي أنعم بها علي.
وموقف آخر لم ولن أنساه ما حييت، كنت في دورة تدريبية في العناية المركزة وكان هناك شرطي أصيب في مطاردة أمنية، وبترت قدماه وكان موصولا بجهاز لمساعدته على التنفس وأنابيب للتغذية الوريدية، في يومه الثاني بعد استعادته لوعيه، وجدت الممرضات والأطباء حوله، إنه يحاول أن يعبر لهم عن أمر ما به.! لكن لم يفهمه أحد، وأنا أراقب ما يحدث من بعيد حتى هداني الله لأمر فاقتحمت الدائرة البشرية التي تحيط به وسألته هل تشعر بالجوع، فأشار بعينه بعد أن امتلأت بالدموع نعم، فصاح كل من في المكان، وطلب الطبيب إعطاءه أنبوب تغذية عن طريق الأنف وبدأوا تغذيته، فقال لي الطبيب لقد أرسلك الله نجدة لنا وله، فقد ضقنا ذرعا لساعات نقف بجواره نحاول أن نفهم ما يؤرقه.
الشاهد من تلك المواقف الواقعية: أنه حينما يرسلك الله لنجدة أحدهم أو قضاء حوائج الناس أو التخفيف عن متألم، اعلم أنها نعمة ينعم الله بها على من يختص من عباده، عن طريق وظيفتك أو منصبك، فاستشعر دائما الحكمة من وراء الحدث.
وأختم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله عند أقوامٍ نعماً أقرّها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ما لم يملُّوهم فإذا ملُّوهم نقلَها إلى غيرهم».
أخرجه الطبراني وحسنه الألباني.
[email protected]