كثرت التكهنات هذه الأيام عن أن نهاية العالم التي أصبحت وشيكة كما يراها البعض، وقد قدم الكثيرون آراءهم حول هذا الحدث المرعب الذي قد ينهي هذه الحضارة العملاقة للجنس البشري على ظهر هذا الكوكب والغريب في الأمر انه لا يوجد نظام عالمي أو منظمة عالمية معتمدة ومحددة كمنظمة الصحة العالمية التي تعتبر قائدة الحرب العالمية الصحية ضد فيروس كورونا «كوفيد- 19» وهذه المنظمة إن وجدت فإنها حتما ستضمن للعالم حقيقة هذه النهاية لكي يرتاح الجميع ويتوقف القلق العالمي حول هذا الموضوع وطبعا يعتبر هذا الطرح ضربا من الخيال.
إلا أن ما نراه في عالم الإنترنت شيء مخيف جدا ونجد أن السياسي وشيخ الدين والعراف والمحلل السياسي ورواد الديوانية واللاعبين في النادي وتجمعات شاي الضحى والحلاق... إلى آخره، يطرحون آراءهم حول هذا الموضوع فمنهم من حدد التاريخ بالتفصيل وحدد الساعة أيضا، ومنهم من قال ان تقليص عدد الحجاج لهذه السنة يعني الخوف من ظهور المهدي لأنه سيغير الخارطة السياسية بالمنطقة والعالم وهنا تبدأ نهاية العالم، وتداول البعض تصريحات وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الذي ذكر قبل 4 سنوات بأن الحرب العالمية الثانية ستقوم قبل سنة 2020 وتداول البعض الآخر معتقدات حضارة الأنكا التي أشارت الى أن نهاية العالم ستكون في بداية الألفية الثانية وحددوا اليوم والشهر لكننا وبعد 20 سنة من مزاعم الانكا لم نر هذه النهاية أما العرافون فحدّث ولا حرج.
ولكن يبدو لي من خلال اطلاعي على تاريخ الجنس البشري أن هذه الظاهرة مرتبطة بالكوارث الصحية والعسكرية والبيئية، فعند الهزيمة الأخيرة للمسلمين في الأندلس وسيطرة الصليبيين عليها وبداية محاكم التفتيش كانت الأخبار والإشاعات تتوالى عليهم حول ظهور المهدي في مكة والذي سيخلصهم من اضطهاد أعدائهم لهم لكنها لم تكن نهاية العالم.
وكذلك ظن سكان أوروبا انهم يعيشون نهاية العالم عندما اجتاح الطاعون الأسود أو طاعون جستنيان مدنهم في العصور الوسطى وقتل ثلث سكان المدن الأوروبية إلا أنها لم تكن نهاية العالم.
وفي بداية العصر الإسلامي تحدث النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن ظهور الأعور الدجال وعن الفتن التي ستحدث في زمنه، فقام أحد الصحابة بحمل الزاد والمؤن على بعيره وأينما يذهب يأخذ معه بعيره المحمل بزاده ومتاعه، فلما علم به النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال له اطمئن إن الأعور الدجال لن يظهر في زمننا هذا ففرح الرجل وأطمأن.
كما سئل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن الساعة أي يوم القيامة فقال صلى الله عليه وسلم: وماذا أعددت لها.
وقد تحدث الرسول عن أشراط الساعة الصغرى والكبرى إلا انه لم يحدد تاريخها بالضبط لأن ذلك يدخل في علم الغيب وعلم الغيب لله وحده لا يشاركه به أحد سبحانه وتعالى الذي قال في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان- 34].
والكائنات البشرية الموجودة بهذا العصر نجدهم قد حددوا لنا تاريخ نهاية العالم اكثر من مرة عبر التاريخ سواء بالتحليل أو بالتنجيم، والمنجمين كذابون حتى ان صدقوا بل وأثبتوا كذبهم وفشلهم بذلك.
وفيما يخص ترسانة العالم النووية والتي تقدر كميتها بنحو 50 ألف متفجر نووي فإنها من المستحيل أن تستخدم من قبل أي دولة مهما كانت ومهما بلغت قوتها لأنها لو بدأت بالضربة الأولى المباغتة لدولة أخرى فإن الدولة المعتدى عليها سترد بالضربة الثانية والنتيجة ستدمر الدولتين تدميرا شاملا وهذا ما يسمى بسياسة الردع النووي.
لذلك علينا أن نخرج هذا الموضوع من عقولنا ونضعه على الرف ونرتاح نفسيا منه ثم نتفرغ لمعالجة الفساد والمفسدين والبحث عن حلول منطقية وفعالة، وان يكون الجميع شركاء إيجابيين في المحافظة على الكويت.
ويقول لي احد الأصدقاء من خلال حديث عابر حول هذا الموضوع بأنه غير مكترث بنهاية العالم لأنه قدر الله على الجميع.
إلا انه عبّر لي عن عميق قلقه عمن سينتصر في النهاية في معركة مكافحة الفساد في الكويت، المصلحون أم المفسدون، فقلت له أنا متفائل بأن المصلحين سينتصرون بإذن الله.
وفي النهاية نقول «لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنين».
ختاما: كل الشكر والتقدير للأخ الفاضل سعود الفرج مراقب الشؤون القانونية بمؤسسة التأمينات الاجتماعية في المبنى الرئيسي على ما يقدمه من اهتمام بالمراجعين ومساعدته لكبار السن وعلى دماثة الخلق التي يتحلى بها عند تعامله مع المراجعين، وأنا أعتبره نموذجا من أبناء الوطن المخلصين والذين يحبون العمل أو الشغل كما يصفه البعض وهم كثيرون جدا.