يلجأ المرشح الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن، الساعي لكسب أصوات الناخبين المترددين الذين قد يقلبون النتيجة لصالحه في مواجهة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، إلى أكثر أسلحته فعالية، وهو محاولة كسب تأييد العديد من خصومه سابقا من الجمهوريين.
ومنح بايدن كبرى الشخصيات في الحزب الجمهوري فرصة إلقاء خطابات في أوقات الذروة خلال المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي الذي عقد مؤخرا، وحصل على تأييد مئات الموظفين السابقين الذين عملوا إلى جانب شخصيات بينها جورج بوش الابن وجون ماكين وميت رومني، ملوحا بأوراق اعتماده من الحزبين.
هل ستجدي استراتيجية بايدن نفعا؟
تخطط كاري ووكر، المقيمة في ويسكنسن والبالغة 50 عاما والتي دعمت المرشحين الجمهوريين على مدى عقدين، للتصويت لبايدن في الثالث من نوفمبر المقبل.
وأكدت ووكر انها لا يمكنها التصويت لترامب الذي وصفته بـ «أسوأ رئيس يمكن تصوره»، وأن موقف موظفين جمهوريين سابقين منحها شعورا بالاطمئنان حيال قرارها.
وقالت ووكر التي تملك مع زوجها حانة في بلدة ريدزبورغ الصغيرة، وهي منطقة أيدت ترامب في 2016 بعدما صوتت مرتين للرئيس الديموقراطي باراك أوباما، «أقنعني دعم الشخصيات المخلصة للحزب الجمهوري».
وأضافت «كنت سأصوت لبايدن بغض النظر عن ذلك، لكنني أقدر النقلة التي قامت بها الشخصيات المؤثرة في الحزب القديم العظيم»، مستخدمة اللقب التقليدي للحزب الجمهوري.
وتمثل ووكر تماما نوع الناخبين الذين تأمل حملة نائب الرئيس الأسبق استقطابها عبر فتح ذراعيها للجمهوريين.
وبينما يواصل نائب أوباما سابقا تصدر نتائج الاستطلاعات على صعيد البلاد، قلص ترامب الفارق في ولايات رئيسية محددة هي تلك التي تعد «متأرجحة» بين الجمهوريين والديموقراطيين بين انتخابات وأخرى وتعد بالتالي حاسمة إذا تقاربت النتائج.
وتودد الرئيس الجمهوري لهذه الولايات مرارا محذرا من «الفوضى» التي يقول إن بايدن قد يجلبها حال فوزه والتي يصر الرئيس على أنها «ستدمر» الضواحي التي يشكل البيض غالبية سكانها.
وحضر بعض الديموقراطيين السابقين مؤتمر الحزب الجمهوري، في إطار محاولة فريق حملة ترامب تأكيد قدرة الرئيس على الوصول إلى هذه الولايات الحاسمة.
فقدنا بوصلتنا الأخلاقية
لكن يبدو أن ترامب يستفيد من التحولات في صفوف الحزبين بشكل أقل من بايدن الذي عمل على إقناع الناخبين المحبطين والمشمئزين في بعض الأحيان، من أسلوب ترامب وقيادته، لاسيما طريقة تعامله مع تفشي ڤيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من 180 ألف شخص في البلاد.
وكتب موظفون سابقون عملوا مع ماكين، السناتور الجمهوري الراحل والذي ترشح لانتخابات 2008 واتسمت علاقته بترامب بالازدراء المتبادل، «هذا ليس قرارا سهلا بالنسبة إلى الجمهوريين».
وكتبوا في رسالة مفتوحة «نظرا إلى غياب القيادة العالية الكفاءة من قبل الرئيس الحالي وجهوده المنصبة على مفاقمة الانقسامات بين الأميركيين بدلا من إنهائها وفشله في المحافظة على القيم الأميركية، نعتقد أن انتخاب نائب الرئيس السابق بايدن يعد بوضوح في مصلحة البلاد».
وصدرت تصريحات مشابهة عن موظفي بوش السابقين، وقالوا «على حملة الإهانات والفظاظة التي شهدناها في السنوات الأخيرة أن تتوقف. فقدنا بوصلتنا الأخلاقية».
وأعرب الصحافي لدى «واشنطن بوست» غلين كيسلر عن تفاجئه حيال هذه الرسالة قائلا على تويتر «أعرف شخصيا عددا من هؤلاء الأشخاص ومدى عمق توجهاتهم المحافظة فيما يتعلق بالعديد من المسائل». «لم أتخيل يوما أنهم قد يدعمون ديموقراطيا بشكل علني كرئيس».
ومنذ الربيع أعلنت مجموعات عديدة من الجمهوريين المناهضين لترامب، بما في ذلك مجموعة «مشروع لينكولن»، عن دعمها لبايدن.
«جمهوريون منشقون»
لكن منذ بدأ مؤتمر الحزب الديموقراطي في 17اغسطس المنصرم تكثفت حملة إقناع الجمهوريين بشكل إضافي.
ومنح حاكم ولاية أوهايو «المتأرجحة» الجمهوري جون كاسيتش فرصة التحدث في الليلة الأولى لمؤتمر الديمقراطيين العام.
وفي الليلة التالية تسلطت أضواء مؤتمر الديموقراطيين على كولن باول، الذي كان وزير الخارجية في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن وعرف عنه دفاعه المثير للجدل عن حرب العراق.
وحظي الرجلان بوقت للتحدث أكبر من ذاك الذي منح لأعضاء الكونغرس الليبراليين الأبرز على غرار ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وهو قرار اعتبره الكثير من اليساريين في الحزب مهينا.
وتزامنا مع افتتاح مؤتمر الحزب الجمهوري، أعلن فريق حملة بايدن أنه حصل على دعم نحو 20 عضوا جمهوريا في الكونغرس.
وقال المحلل كايل كونديك من جامعة فيرجينيا: «يعد هؤلاء الجمهوريون المنشقون رموزا بالنسبة إلى العديد من الناخبين الجمهوريين المتركزين في الضواحي الثرية التي تنمو ويقطنها أشخاص بمستويات تعليمية عالية يتخلون عن الحزب القديم العظيم في عهد ترامب».
لكنه أضاف «مع ذلك، لا أعرف إن كانت هذه المواقف الداعمة ستنقل بالفعل ناخبين جدد من معسكر ترامب».