طارق عرابي
رفض خبراء اقتصاديون المطالبات التي ينادي بها البعض لعودة الحظر من جديد، مؤكدان أن عودة الحظر تعني تدمير ما تبقى من الاقتصاد، والقضاء على ما تبقى من الانشطة التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقال الخبراء في تصريحات متفرقة لـ «الأنباء» إن عودة الحظر مرة أخرى تعني إطلاق «رصاصة الرحمة» على ما تبقى من أنشطة اقتصادية عانت على مدى الاشهر الستة الماضية من خسائر مالية قد يصعب تعويضها على المدى القريب.
وأكدوا أن الأرقام الحالية للمصابين بفيروس كورونا مازالت في معدلاتها الطبيعية، وأن الزيادة المعلنة في أرقام الإصابات لم يأت إلا بعد زيادة عدد المسحات التي تجريها وزارة الصحة العامة، بمعنى أن أرقام الإصابات قد ترتفع كلما ارتفعت أعداد المسحات اليومية.
وشدد الخبراء على أهمية الوعي وتطبيق إجراءات وزارة الصحة العامة بشأن لبس الكمامات والحفاظ على إجراءات التباعد الاجتماعي، بدلا من العودة إلى إجراءات الحظر التي ستضر أكثر مما تنفع.. وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد الخبير الاقتصادي طارق العتيقي أنه يرفض فكرة عودة الحظر مرة أخرى جملة وتفصيلا، مشيرا إلى أن الزيادة الملحوظة في أعداد الإصابات مرجعها إلى زيادة عدد المسحات التي تقوم بها وزارة الصحة، وبالتالي فإن الارقام التي يعلن عنها بشكل يومي ترتفع أو تنخفض تبعا لعدد المسحات اليومية.
وأضاف أن الحديث عن المطالبات بعودة الحظر لا يتناسب مع النتائج المشجعة للاعلان عن توفر لقاحات من دول مختلفة، خاصة بعد أن أعلن عدد من دول العالم عن البدء في إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، على غرار إعلان روسيا وبريطانيات والصين واليابان، فضلا عن أن النتائج الاولية للقاحات الصينية واليابانية أكدت إيجابيتها على المستوى العالمي والمحلي على حد سواء.
وشدد العتيقي على ان العالم لن يتحمل أي إغلاق جديد للاقتصاد، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الاقتصادات العالمية جراء الحظر الذي شهدته دول العالم، وما نتج عنه من خسائر مالية في العديد من القطاعات، بدءا من تجارة التجزئة أو قطاعات السياحة والسفر وغيرها من القطاعات التي اضطرت شركاتها إلى تقليص أعداد الموظفين وتسريح شريحة كبيرة من العمالة بعد إغلاق أفرع الكثير من الشركات الكبيرة، أو إفلاس عدد لا بأس به من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتابع العتيقي: ان عودة الحظر إلى الاقتصاد الكويتي يعني إطلاق «رصاصة الرحمة» على ما تبقى من شركات صغيرة ومتوسطة والاعلان عن وفاتها، خاصة أن الكويت كانت من أكثر دول العالم إغلاقا لأنشطتها بعد حظر طويل امتد على مدى 161 يوما.
واختتم العتيقي : إن الحل الامثل لهذا الامر يكمن في التعايش مع هذا الوباء عن طريق اتباع التعليمات والاجراءات الصحية التي فرضتها الجهات المسؤولة بالدولة، وذلك من خلال لبس الكمامة في الاماكن العامة، والحفاظ على إجراءات النظافة والسلامة الشخصية، مع تطبيق إجراءات التباعد لحين الانتهاء من هذا الوباء وعودة الحياة إلى طبيعتها.
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي د.خالد الجريوي، أن الحظر لم تكن له نتائج ملموسة، بدليل أن النتائج اليومية للاصابات مازالت تدور في نفس الفلك، سواء خلال فترة الحظر أو ما بعدها، حيث إن معدل الاصابات اليومي مازال يدور بين 500 و700 إصابة خلال أو بعد الحظر.
وأشار إلى أنه وبحسب التقارير العالمية التي تنشر حول أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد، فإن نحو 20% من الإصابات هي إصابات حقيقية في حين أن النسبة الباقية ما هي الا أعراض بسيطة من المرض ولا تشكل أي خطورة تذكر على الاشخاص، مضيفا أن جهات عديدة قد استغلت انتشار كورونا لاحتكار المنتجات وتحقيق الارباح المرتفعة في أنشطة معينة.
وتابع الجريوي: أن المتتبع لأسعار السلع في الكويت يلاحظ ذلك الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمنتجات والخدمات التي بدأت منذ ظهور الفيروس وحتى يومنا هذا، لا بل وأن أسعار الايدي العاملة قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه كنتيجة لتبعات هذا الوباء الذي أثر على جميع مناحي الحياة.
ولفت الجريوي إلى أن الكويت تقف حاليا على أعتاب المرحلة الخامسة من خطة إعادة الحياة التي أعلنها مجلس الوزراء، وبالتالي فمن غير المنطقي العودة إلى أي مرحلة من مراحل الخطة قبل اكتمال جميع المراحل ومن ثم تقييم الوضع النهائي، خاصة أن الملاحظ هو مدى ارتفاع الوعي لدى المواطنين والمقيمين في جميع المرافق والمؤسسات والمجمعات التي جرى إعادة افتتاحها من جديد.
وحذر الجريوي من التسرع في اتخاذ قرار عودة الحظر من جديد، خاصة أن قرارا من هذا النوع فيه تهديد للاقتصاد ولمصالح شريحة كبيرة من الأنشطة التي عانت كثيرا على مدى ستة أشهر جراء توقف أنشطتها وتحملها لخسائر مالية قد يصعب تعويضها على المدى القريب، مضيفا أن الحذر أنجع من الحظر في المرحلة الحالية.
بدورها، أكدت م.آلاء حسن رئيس مجلس الإدارة شركة ايبسكو العالمية للمقاولات العامة للمباني، أن العالم مر بمعادلة معقدة من نوع خاص وهي الاقتصاد أو الصحة، ولقد اتخذت جميع دول العالم قرارها الأوحد بأن صحة المواطنين أهم من حركة الاقتصاد، ولجأوا الى الحظر الشامل في جميع دول العالم، حتى جاءت النتيجة الكارثية لحركة الاقتصاد العالمي وتبعاته الاقتصادية والنفسية التي أصبحنا نعاني منها حتى الآن.
وأضافت أن دول العالم اجمع لم تجد ازاء أزمة كورونا من حل إلا الإغلاق وما نتج عنه من توقف شبه كلي لاقتصاد العالم ككل، فقد عرف الاقتصاد العالمي انكماشا تاريخيا بسبب الاغلاق، حيث سجلت البطالة رقما جديدا بما يزيد عن 22 مليون عاطل، واصبح جليا حجم المعاناة الاجتماعية التي خلفتها ازمة كورونا على مستوى الأسر، ولقد اصبح الاقتصاد العالمي والمحلي ايضا لم يعودا يحتملان الاغلاق.
واستطردت قائلة «لم تعد الظروف الاقتصادية والنفسية والاجتماعية تتحمل فرض حظر جديد، خصوصا بعد فقدان الاقتصاد الكثير جراء الحظر الشامل، فإنني ارى ان الحل ليس بتطبيق حظر جديد، بينما بالرقابة الذاتية من كل فرد داخل المجتمع وتشديد الاجراءات الوقائية والصحية، فالظروف أصبحت الان لا تتحمل فرض حظر جديد، ولقد دفع الكثير من البلدان فاتورة عالية لحماية صحة المواطنين، ولا زال الجميع يدفعون كلفة الحظر الشامل السابق وآثاره».
ورأت أن تشديد الاجراءات الوقائية الى جانب تعاوننا وتكاتفنا جميعا هو الحل وليس الحظر، بدلا من توقيف عجلة الاقتصاد لأن الوضع لا يتحمّل ابدا.